في أقل من أسبوعين، تمكّن المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم من تحقيق إطلاق سراح كندي وأميركي كانا موقوفين في سوريا. إلّا أن سرّ نجاح إبراهيم وقدرته على منح المؤسسات اللبنانية أدواراً تتخطى الأزمات الداخلية الحالية، هو فهمه لأهمية التنسيق اللبناني ــــ السوري واستثمار هذا التفاهم لمصلحة البلدين، في الوقت الذي لا يزال فيه جزء كبير من السياسيين اللبنانيين يرفض عودة العلاقات اللبنانية ــــ السورية إلى سابق عهدها انصياعاً للتوجيهات الغربية.ولم يكن ممكناً إطلاق سراح المغامر الأميركي سام غودوين قبل أسبوعين والكندي كريستيان لي باكستر أمس، لولا القرار السوري المتخذ بتعزيز التواصل الأمني مع لبنان عبر إبراهيم وتكريس نموذج التعاون، ولا سيّما بعد تجربة آلية إعادة النازحين السوريين، والتجارب العديدة التي خاضها الجانبان منذ صفقات التبادل بين الدولة السورية والجماعات الإرهابية المسلحة.
وعلمت «الأخبار» أن الأميركيين جرّبوا وساطة أكثر من طرف مع سوريا لإطلاق سراح غودين، ومن بينها دول كبرى وجهات دولية وأفراد على علاقة جيّدة بسوريا والإدارة الأميركية في الوقت ذاته، من دون نتيجة. وما إن طرح إبراهيم على القيادة السورية تسلّم غودوين، الذي زارت عائلته المدير العام للأمن العام اللبناني وطلبت وساطته، حتى وافق الرئيس بشار الأسد على ذلك.
ومثل غودين، يحاول الأميركيون منذ سنوات الاتصال بسوريا عبر عدد من الوسطاء لإطلاق سراح مواطنهم أوستن تايس، الذي يقول الأميركيون إنه صحافي، فيما قالت تقارير إعلامية انتشرت فور اختفائه في الغوطة الشرقية لدمشق في عام 2015 إنه أحد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وحتى الآن، لم تقدّم سوريا أي إشارات أو معلومات تؤكّد اعتقال أجهزتها الأمنية لأوستن، مع احتمالات كبيرة أن تكون إحدى الجماعات الإرهابية قد اختطفته. ورغم ذلك، يسعى الأميركيون إلى إدخال أكثر من وسيط على خط المطالبة بأوستن، ووصل الأمر بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى إبلاغ أحد الوسطاء بأن إطلاق سراح أوستن أو المساعدة على إيجاده من قبل سوريا، سيساهم في تغيير الموقف الأميركي من الدولة السورية والأسد، إلا أن سوريا تعاملت مع هذه الدعوات بالإهمال. وليس واضحاً بعد، إن كان إبراهيم سيبدأ العمل على هذا الملفّ، لكنّ عائلة أوستن زارت لبنان أكثر من مرة والتقت مع إبراهيم طالبةً المساعدة.
بدوره، أعلن إبراهيم في مؤتمر صحافي مشترك مع السفيرة الكندية إيمانويل لامورو في مقر المديرية في بيروت، إطلاق سراح لي باكستر (44 عاماً) بعد اعتقاله لمدة عام في سوريا. وشكر المدير العام للأمن العام «الدولة السورية التي تجاوبت مع مطلبنا ولتجاوبها خلال فترة الأسبوعين الماضيين في إطلاق مواطن أميركي أيضاً»، واضعاً «هذا النجاح في مصلحة لبنان لأنه يعيده الى خريطة العالم بالمسعى الإنساني وحل القضايا».