ليس من المبالغة القول إن تبعات مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بدأت بالتوالي قبل انتقالها الى حيّز التنفيذ. أولى هذه التبعات ظهرت في أداء القيادة السياسية ومواقفها. وعلى الارض ترجم القلق إجراءات استثنائية فرضت على الجنود عدم التحرك.في أعقاب خطاب نصر الله توالت الإجراءات في كيان العدو. في مركز إدارة الازمات القومية (غرفة محصّنة تحت الارض في القدس)، ترأس بنيامين نتنياهو المجلس الوزاري في اجتماع دام نحو أربع ساعات، لبحث مستجدات الوضع على الجبهة الشمالية، والسيناريوات التي تضعها المؤسسة الامنية. وتم استدعاء رئيس قائمة «أزرق أبيض»، بني غانتس، لتقديم إحاطة أمنية له بشأن التطورات الاخيرة. وكان لافتاً أن نتنياهو لم يحضر اللقاء كما يفترض، ولكن تمّ إطلاع غانتس على التقارير من قبل السكرتير العسكري آفي بلوط ورئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، ما يشير الى أنه رغم خطورة التطورات، لم يشأ نتنياهو اللقاء المباشر مع خصمه الانتخابي وإعطاءه فرصة تسجيل نقاط لصالحه في ظل الحملة الانتخابية.
في المقابل، عمد نواب المعارضة الاسرائيلية الى الجمع بين إظهار تأييدهم للاعتداءات الاسرائيلية، واتهام نتنياهو بمحاولة توظيف قضايا الامن القومي لمصالح انتخابية. في هذا الاطار، رأى غانتس أن «على دول المنطقة استيعاب أن اسرائيل لن تسمح لها بتهديد سيادتها وأمنها، وسنعمل ضدكم في كل قطاع وضد كل تهديد». في المقابل، انتقد وزير الامن السابق أفيغدور ليبرمان نتنياهو، داعياً إياه الى عدم التبجّح واستمرار التمسّك بالغموض. وفي السياق نفسه، أكد القيادي في حزب «أزرق أبيض»، عضو الكنيست موشيه يعلون، أنه شارك «في الكثير من العمليات كهذه، ولم نهرول لإخبار الاصدقاء. في المدة الاخيرة يستخدمون ذلك لأغراض سياسية، وهذا يحزنني».

الجنود «انضبوا»!
من الجانب اللبناني للحدود مع فلسطين المحتلة (آمال خليل)، نفذ الاعلاميون دوريات على طول الحدود ذهاباً وإياباً، لتقفّي أثر جنود العدو الإسرائيلي، لكن من دون جدوى. بدا كأن جنود العدو «انضبّوا» تماماً، ملتزمين حرفياً بـ«نصيحة» نصر الله. وبخلاف المعتاد، أخلى الجنود أمس الطريق العسكرية بمحاذاة الشريط الشائك، وتُركت الحدود مشرّعة لعدسات المصورين والمواطنين الذين تنادوا إلى نزهة فوق تلة العديسة لمراقبة الجانب المحتل والتمتع بالصمت والشغور. مواقع المراقبة المقابلة للأراضي اللبنانية من بركة النقار إلى جدار كفركلا وبئر شعيب وكروم الشراقي وبركة ريشا، بدت كأنها قد أخليت بعدما كان الجنود يطلون برؤوسهم ويصوّبون بنادقهم وكاميراتهم ومناظيرهم نحو من يقترب باتجاه الحدود. «تضبضب» جنود العدو على الأرض، لكن الطائرات المسيرة لم تنسحب من السماء اللبنانية، وواصلت تحليقها المكثف منذ ليل الأحد.
وكان لافتاً أن الحذر والخوف العسكريين قابلتهما حركة شبه طبيعية للمستوطنين. ففي مستوطنة المطلة المحاذية لسهل الخيام، رصد نشاط شبه اعتيادي للمزارعين والعمال، الأمر الذي ربطه البعض بأن رد المقاومة على عدوان سوريا والضاحية لن يكون ضد هؤلاء.
اتهامات اسرائيلية لنتنياهو بمحاولة توظيف قضايا الامن القومي لمصالح انتخابية


أما من الجانب الجنوبي للحدود، فقد تابعت وسائل الاعلام الاسرائيلية الوضع، وبثت تقارير الاستنفارات، ونقلت «القناة الـ 12» عن مسؤول عسكري كبير قوله: «نعم، في قيادة المنطقة الشمالية هم موجودون في حالة استنفار عالية منذ يومين، لكن في الوقت الحالي لم يقرروا استقدام قوات إضافية الى المنطقة. ما يحصل هنا أن الكتائب التابعة للقيادة تمّ نشرها على الأرض وفقاً لتقدير الوضع الاستخباري والحفاظ على المستوطنات، لكن ذلك قد يتغير في الأيام المقبلة، لأن التقدير في الجيش هو أن ردّ حزب الله سيحصل على ما يبدو في الأيام المقبلة، ولكن قبل ذلك قد نرى تعزيزات للقوات. والتقدير يشير الى أن الرد لن يحصل في الجولان بل في الجليل، ضد أهداف عسكرية وليس ضدّ أهداف مدنية، أي إننا لن نرى إطلاق صواريخ كاتيوشا نحو مستوطنات إسرائيلية».

اتهامات اسرائيلية لنتنياهو بمحاولة توظيف قضايا الامن القومي لمصالح انتخابية


المراسل العسكري ألون بن ديفيد، المعروف بعلاقاته القوية مع الجيش، ناقش الوضع من زاوية «غارة الضاحية الجنوبية». وقال لـ«القناة الـ 13»: «إن كانت إسرائيل قد عملت فعلاً في بيروت، يمكن الافتراض أن الأمر يتعلق بهدفٍ ذي أهمية استراتيجية. أذكّر بأنه في الماضي أشار رئيس الحكومة إلى محاولات من حزب الله لإقامة مصانع صواريخ في بيروت. إذا كان هناك فعلاً هجوم إسرائيلي كهذا، فهذه هي المرة الأولى منذ حرب لبنان الثانية التي تعمل فيها إسرائيل ضد هدف استراتيجي في لبنان. وهذا يعني تغيير قواعد اللعبة مع حزب الله. والفهم في إسرائيل هو أن نصر الله سيرد ضد هدفٍ عسكري، وليس ضد مدنيين، ولن يقامر بخطف. لكنه سيبحث عن خطوة مدوّية، شيء يكون فيه عنصر مؤلم لإسرائيل. وهذا الرد سيأتي. ليس اليوم، ليس غداً، لكن في المدة القريبة».



تحليق مكثّف للطائرات المعادية
منذ فجر أمس، لم تتوقف طائرات الاستطلاع المعادية عن التحليق على كامل الجغرافيا اللبنانية. وسُجّل يوم أمس تحليق كثيف لطائرات العدو الإسرائيلي على ارتفاعات متفاوتة، من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال، وعلى وجه الخصوص على طول المنطقة الحدودية مع سوريا والبقاع، من سهل مرجعيون الى بعلبك والهرمل، وكذلك على الخط الساحلي، حيث حلقت طائرات تجسّسية معادية على ارتفاعات منخفضة جنوب بيروت وفي محيط الضاحية الجنوبية. كما سجّل تحليق للطائرات المعادية جنوبيّ الليطاني وفوق النبطية، بالتزامن مع تحركات عسكرية مدرعة خلف الحدود.