أُصيب معظم المراهنين على ما يُسمّى بحلّ الدولتين بصدمة نفسيّة شديدة، فور إبصار مندرجات صفقة القرن النور، والقاضية بتصفية القضيّة الفلسطينيّة عبر توطين الفلسطينيين في بلدان الشتات، لأنه فاتهم بأنّ المسألة هي مسألة نهب ثروات ومقدرات أقطار عربية برمتها، وليست مسألة سلام، خصوصًا أن الدول التواقة مجددًا الى استعمارنا كانت قد علمت بظهور النفط في جزيرة العرب عام 1905. ويأتي تفجير ترامب لقنبلة الموسم عبر إعلانه الجولان أرضًا اسرائيلية، كدلالة واضحة على اطماع واشنطن وتل أبيب بالنفط العربي، لأن أرض الجولان تحتوي على كميات هائلة من النفط يعادل احتياطها احتياطي نفط السعودية، كما ذكر الكاتب والإقتصادي الإلماني وليم غاندال. أما في فلسطين المحتلة، وفي شباط 2015، فقد ذكرت حكومة الكيان الغاصب، أنها تنتج منذ العام 2011، النفط من حقل رنتيس الواقع شمالي غربي مدينة رام الله، والحقل مصنف كواحد من أكبر الحقول في بلاد الشام إذ يحتوي على مليارين ونصف مليار برميل من البترول. أما شن الحروب كل فترة من الزمن على قطاع غزة، فيهدف الى تهجير أهله واعادة احتلاله، لأن شركة الكهرباء الصهيونية تعلم منذ 27 تشرين الثاني 2013، بأنّ كمية الغاز الطبيعي الموجودة في حقل قبالة سواحل غزة تتجاوز الـ 33 مليار متر مكعب، وهي كمية قادرة على سدّ إحتياجات الفلسطينيين في كل من الضفة والقطاع لمدة 25 سنة. وعندما يقول الدكتور زياد أبو هين رئيس قسم البيئة وعلوم الأرض في الجامعة الإسلامية في غزة، إن اكتشاف الغاز في فلسطين، يعود الى العام 1946 أي الى ما قبل سنتين من حدوث النكبة، وأنّ أول حقل للنفط في فلسطين إكتشفته شركة نفط العراق في العام نفسه، ندرك تمامًا لمَ حدثت نكبة فلسطين. وبناءً على هذا المقتضى وعقب العدوان على لبنان بطائرتي إستكشاف صهيونيتيّن مفخختيّن، يبقى لبنان بأمس الحاجة الى سلاح المقاومة لأنه السلاح الأمضى لاستعادة كل الحقوق العربية المسلوبة، ويبقى الوسيلة الوحيدة الناجعة لمحاربة مشروع التوطين. لقد ادرك الرئيس حافظ الأسد منذ ستينيات القرن المنصرم بأن مسألة السلام مع هذا الكيان ليست سوى أضغاث أحلام.وطالما أن الإدارات الأميركية المتعاقبة ما زالت تعمل وفق وصية كيسنجر القائلة: عندما تسيطرون على النفط تسيطرون على الأمم، تبقى معادلة قوة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، المتقنة الوحيدة للعبة عضّ الأصابع، ولفنون حروب الأعصاب والإستنزاف.
ريمون ميشال هنود