لم يسرُق الاعتداء الإسرائيلي الخطير الذي داهم منطقة الضاحية الجنوبية على غفلة فجرَ الأحد الماضي الأنظار عن التحديات الاقتصادية ــــ المالية التي يواجهها البلد. فعلى الرغم من التبعات التي رتّبها عدوان المسيّرتين الإسرائيليتين وما أعقبه من استنفار أمني وسياسي ودبلوماسي، تستعدّ البلاد للحوار الاقتصادي الذي تستضيفه بعبدا الاثنين، كمحطة انطلاق نحو مناقشة موازنة العام 2020 التي يعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأن تكون أول موازنة تُقرّ في موعدها الدستوري (قبل نهاية العام الجاري). وتنعقد طاولة الحوار بالتزامن مع زيارة الموفد الفرنسي الخاص بمتابعة مؤتمر «سيدر»، بيار دوكان، لبيروت.وفيما كان الأخير قد عبّر في زيارة سابقة عن استيائه من عدم جدية الأطراف اللبنانية في تنفيذ الشروط المطلوبة من دائني «سيدر»، واحتمال عدم قدرة لبنان على الوفاء بما وعد به من «إصلاحات والتزامات»، قالت مصادر سياسية لـ«الأخبار» إن «المبعوث المكلف بمتابعة تنفيذ مقررات المؤتمر يأتي الى لبنان من أجل الاطلاع على آخر المستجدات الاقتصادية والمالية في ضوء الحوار الذي يستضيفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون».
وسبقَ الزيارة لقاء بين عون والمدير الإقليمي لمجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ساروج كومار جاه، الذي أكد عقب لقائه رئيس الجمهورية أن «هناك قدرات كبيرة للنمو، بحثناها مع الرئيس عون، وعدد كبير منها يتعلّق بقطاع النقل وتحسين الطرقات، والمشاريع المتعلّقة بتحسين المياه، ومجموع قيمة المشاريع مليارا دولار أميركي». وأكد دعم «البنك الدولي للرئيس عون والحكومة، وخصوصاً بما تقوم به من إصلاحات». وقال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، الذي حضر اللقاء، إنّ «الأولويّات اللبنانية هي محور اهتمام دولي ومحلّي، والثقة المطلوبة من خلال مبادرات الرئيس عون تأخذ طريقها العمليّ للخروج من الأزمة». وأوضح أنّ «هناك تقارباً بالأولويات كبيراً بين نظرة الدولة ونظرة البنك الدولي، وتحديداً بمسألة الكهرباء والحكومة الإلكترونية أو مكننة الإدارة اللبنانية».
من جهته، رأى رئيس الحكومة سعد الحريري أن «المرحلة التي يمر بها لبنان اليوم صعبة وحساسة والتحدي فيها كبير، لكن تجاوزها ليس مستحيلاً». وخلال لقائه وفداً من المشاركين في المؤتمر الشبابي السنوي التاسع الذي نظّمته مصلحة الشباب في «تيار المستقبل»، شدّد الحريري على أن إيجاد فرص العمل هو أكبر مشكلة يعانيها لبنان اليوم، معتبراً أن تطبيق مقررات «سيدر» وخطة ماكينزي «يمكن أن ينهض بالاقتصاد ويحدث نمواً في البلد وإيجاد فرص عمل في مختلف المجالات». وأشار إلى أن «الحكومة تعتزم القيام بسلسلة من الإجراءات التي يمكنها أن تحفّز الاقتصاد اللبناني، ولا سيما من خلال مزيد من الشراكة بين القطاعين العام والخاص».