وليس خافياً حجم الضغوط التي يمارسها الأميركيون على دول العالم، وتحديداً الدول التي تموّل الوكالة لوقف تمويلها، بحجّة الفساد فيها، فضلاً عن التسويق الإسرائيلي النشيط لضرورة إسقاط المنظمة من الحسابات الدولية، بوصفها الشاهد الأممي على نكبة اللجوء الفلسطيني في العالم، وفي لبنان والأردن تحديداً، كجزء من صفقة القرن المعلنة.
إلّا أن اللقاء الذي جمع وزير خارجية العدو إسرائيل كاتز ووزير الخارجية السويسري اغنازيو كاسيس في بيرن يوم أمس، وتصريحهما بأن إسرائيل وسويسرا تبحثان عن بدائل للأونروا، يقطع الشّك باليقين بأن بقاء كرينبول مع كل التهم، في منصبه، ما هو إلّا جزء من عملية تصفية المنظّمة، ولا سيّما أنه لا يزال يرتكب الانتهاكات، بينما كان بإمكان الحكومة السويسرية أن تطلب منه الاستقالة، حفاظاً على ماء الوجه.
يُنتظر من المسؤولين اللبنانيين مواقف حاسمة لجهة ضرورة ابتعاد كرينبول عن المشهد
وبدل أن ينكفئ كرينبول، وخصوصاً بعدما قدّمت مساعِدته الأميركية ساندرا ميتشيل استقالتها للأسباب ذاتها (راجع «الأخبار»، الاثنين 29 تموز 2019، بعنوان: «استقالة الموظفة الأميركية الأرفع في الأونروا»)، علمت «الأخبار» أن ميتشيل وزوجها لا يزالان يتلقّيان رواتبهما وهما خارج الأردن (في أوستراليا)، على الرغم من ذرائع تراجع التمويل التي يستخدمها كرينبول وغيره لقطع المساعدات عن الفلسطينيين وتقليص رواتب الموظفين. وهذا السلوك، ليس الأول من نوعه لكرينبول، الذي فعل الأمر نفسه مع الموظف حكم شهوان، الذي لا يزال يحصل على راتبه، بينما أبلغ المفوض العام غوتيريش بأنه فصل شهوان من عمله («الأخبار»، الخميس 8 آب 2019، «زوبعة «الفساد»: كرينبول كذب على غوتيريش!»).
وفيما لم تستطع «الأخبار» الحصول على تصريح أو موقف رسمي من الحكومة اللبنانية أو وزارة الخارجية، إلّا أن المهتمين بالشأن الفلسطيني ينتظرون من المسؤولين اللبنانيين مواقف حاسمة لجهة ضرورة ابتعاد كرينبول عن المشهد وعدم تحميله الوكالة وزر ممارساته، بما يجمّد الانهيار السريع الذي تعانيه في الأشهر الأخيرة، ولا سيّما بعد تراجع الدعم المالي الأوروبي بعد انقطاع الأميركي.