تنهمك القوى السّياسية السنّية في طرابلس والشمال بانتخابات أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، التي ستجري في 13 تشرين الأول المقبل. فهي تولي المجلس الملّي للطائفة الأهمية القصوى لإثبات حضورها السياسي داخل شارعها. وتعوّل أيضاً على الإمساك بمفاصل المجلس، ومعه دار الفتوى، من أجل تأمين غطاء من المؤسسة الدينية لمواقفها السياسية.ويظهر ذلك في حركة الاتصالات واللقاءات التي تعقد بعيداً عن الأنظار للقوى السّياسية المعنية، خصوصاً بعدما أقفل باب الترشّح لعضوية المجلس الشرعي على 40 مرشحاً سيتنافسون على سبعة مقاعد مخصصة لمدينة طرابلس وأقضية المنية - الضنية وزغرتا والكورة والبترون. أما عكار، فقد خُصص لها مقعد واحد، من أصل 24 عضواً منتخباً، موزعين على المناطق اللبنانية كافة، ويُضاف إليهم 8 أعضاء أعطى القانون مفتي الجمهورية صلاحية تعيينهم.

(هيثم الموسوي)

أعضاء الهيئة الناخبة في دائرة طرابلس وبقية أقضية الشمال، ما عدا عكاّر، يبلغون 148 ناخباً، هم حسب القانون: رئيس الحكومة العامل، رؤساء الحكومات السابقون، النواب والوزراء الحاليون، مفتي الشمال، أمين الفتوى، مدرسو الفتوى، شيوخ القراء، قضاة الشرع، أعضاء المجلس الإداري لأوقاف طرابلس، رئيس دائرة الأوقاف، الأئمة المنفردون، القضاة السنّيون العدليون والإداريون، الأعضاء السنّة في المجلس الدستوري، الموظفون السنّة في الفئة الأولى، رؤساء البلديات السنّة والأعضاء السنّة في بلدية طرابلس.
خريطة توزّع القوى السّياسية داخل الهيئة الناخبة المذكورة، تظهر حضوراً رباعياً رئيسياً ومؤثراً، يتمثل بتيار المستقبل والرئيس نجيب ميقاتي والنائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد، فضلاً عن حضور هامشي للنائب السابق محمد الصفدي والجماعة الإسلامية وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) والسلفيين، وهو حضور لن يكون له أي تأثير إلا في حال عدم التوصل إلى لائحة توافقية بين الأركان الأربعة.
مصادر مقربة من ميقاتي أوضحت لـ«الأخبار» أن «نواة تفاهم جرى التوصّل إليه مع الصّمد وكرامي لتشكيل لائحة توافقية، ونحن بانتظار تيار المستقبل لاستكمال هذه اللائحة». وكشفت أن «لقاءً عُقد، قبل نحو شهرين، بين ميقاتي والرئيس سعد الحريري، جرى فيه التطرق لانتخابات المجلس الشرعي، وطرح فيه مبدأ التوافق»، مضيفة أن «لقاءً آخر سيجمع الأسبوع المقبل رؤساء الحكومة السابقين مع الحريري، ستكون انتخابات المجلس الشرعي حاضرة فيه بكل تأكيد». إلا أن مصادر متابعة قالت لـ «الأخبار» إن «عناصر التوافق غير متوافرة حتى الآن، لأسباب عديدة، أبرزها عدم اطمئنان تيار المستقبل لنسج تحالف مع خصومه، برغم معرفته أنه لم يعد قادراً على الاستفراد بالساحة السنّية، إضافة إلى كثرة المرشحين في صفوفه. إذ إن أكثر من نصف المرشحين محسوبون عليه أو مقربون منه، وهؤلاء يرفض غالبيتهم الانسحاب لمصلحة مرشح آخر من الخط السياسي نفسه، بسبب وجود خلافات شخصية بينهم، أو بسبب طموحات سياسية لديهم، إضافة إلى وجود أكثر من «طابخ» لانتخابات المجلس الشرعي داخل البيت الأزرق، من أبرزهم الرئيس فؤاد السنيورة والأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري والنائب سمير الجسر والنائب السابق أحمد فتفت، ووجود تباين كبير بينهم بشأن مقاربة هذا الاستحقاق، وعدم تفاهمهم على تبني هذا المرشح أو ذاك».
«المستقبل» يواجه مشكلة كثرة المرشحين لديه


وإذ يتفاءل البعض داخل تيار المستقبل بحسم الأمور في آخر المطاف، فإن خلافاً من نوع آخر يدور بين مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، وجميع القوى السياسية، ما عدا تيار المستقبل، نتيجة استعداء الشعار لهذه القوى منذ انتخابه عام 2008 ووقوفه حصراً إلى جانب الحريري، وهي ستحاول تحجيم تأثيره في الاستحقاق المقبل، على غرار ما فعلت في انتخابات المجلس الشرعي قبل أربع سنوات، بما يمهّد لانتخاب خلف له نهاية هذا العام، بعدما كانت ولايته قد انتهت العام الماضي، إلا أن الحريري ارتأى التمديد له كما مدد حينها لمفتي المناطق الأخرى.