إنتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في طرابلس والشمال، المقررة في 13 الجاري، دخلت مرحلة جديدة من التجاذب، في ظل إتصالات مفتوحة بين القوى المعنية للتوصل إلى توافق، وإلا الذهاب إلى تنافس يكون صندوق الإقتراع الحكم الفاصل فيه.فمن أصل 24 عضواً يضمّهم المجلس، موزّعين على المناطق اللبنانية، تقدم 40 مرشحاً بترشيحاتهم في دائرة الشمال (تضم أقضية طرابلس والمنية - الضنية وزغرتا والكورة والبترون)، للفوز بالمقاعد السبعة في هذه الدائرة، إضافة الى ثامن يعينه عادة مفتي الجمهورية وسيكون على الأغلب محسوباً على تيار المستقبل. وفي حين اكتملت ملامح التحالف الثلاثي الذي يضم الرئيس نجيب ميقاتي والنائبين جهاد الصمد وفيصل كرامي، يسيطر غموض وإرباك على جبهة تيار المستقبل الذي لم يحسم بعد أسماء مرشحيه ولا تحالفاته.

مصادر ميقاتي: نحن الطرف الأقوى (هيثم الموسوي)

مصادر قريبة من ميقاتي أكّدت لـ«الأخبار» أن «التحالف الثلاثي صلب ومتماسك، ولديه أربعة أسماء باتت نهائية». وفيما شدّدت على «أننا نحبّذ التوافق مع تيار المستقبل»، أشارت الى أنه «في حال رفض التيار التوافق، سنذهب إلى الإنتخابات بلائحة غير مكتملة، وسنكون الطرف الأقوى».
وفي المعلومات أن التنافس على منصب نائب رئيس المجلس (مفتي الجمهورية يكون حكماً رئيساً للمجلس) هو ما يؤخر إنجاز التوافق بسبب ترشيح ميقاتي المشرف على جمعية العزم والسعادة عبد الإله ميقاتي الى منصب نائب الرئيس، فيما يتمسك تيار المستقبل بهذا الموقع ضمن حصته. المصادر أوضحت أن ترشيح ميقاتي جاء «لأن من حقنا أن يكون هذا الموقع من نصيبنا، قياساً الى حضورنا السياسي والشعبي ضمن الطائفة السنّية. إلا أن الطرف الآخر أعاد مجدداً طرح اسم النائب السابق عمر مسقاوي الذي يحتل هذا المنصب منذ سنوات، وهو إسم مقبول، لكننا نطمح إلى تجديد دم المجلس الشرعي وتطوير أدائه». واضافت أن تأخير التوافق سببه أيضاً «التنافس والكباش داخل التيار الأزرق على الامساك بحصته في المجلس، خصوصاً بين الرئيس فؤاد السنيورة والأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، إضافة إلى رفض بعض المستقبليين أن تكون حصّة تيارهم 3 أعضاء من 7. وقد طرحوا في بداية مرحلة التفاوض تسمية ستة أعضاء في اللائحة التوافقية، على أن يتركوا لنا مقعداً واحداً فقط، الأمر الذي رفضناه».
كباش بين السنيورة وأحمد الحريري على الامساك بحصّة المستقبل


في المقلب الآخر، لم يسجل لتيار المستقبل أي خطوة في هذا الإطار سوى ترويج مقربين منه أسماء مرشحين محسوبين عليه في طرابلس، وإعلان سبعة مرشحين من الضنية، بعد اجتماعهم قبل نحو أسبوعين في مكتب النائب السابق أحمد فتفت، «التوافق على من تختاره من بينهم قيادة التيار، وعلى رأسها الرئيس سعد الحريري». فيما أكّدت مصادر متابعة لهذا الملف في المستقبل «أننا نواجه مشكلة كثرة المرشحين. وإذا كان بعض هؤلاء ممن يمكن أن نمون عليهم، فإن لا مونة لنا على آخرين».
في غضون ذلك، تنشط حركة بعض المرشحين المستقلين الذين يرون أن عدم التوافق بين القوى السياسية وتشكيل لائحتين، سيعطيهم فرصة جيدة للخرق، عبر التحالف من تحت الطاولة مع إحدى اللائحتين المتنافستين، وهو ما يجعل التنبؤ بنتائج الإنتخابات صعباً.
أما في محافظة عكار، فإن التنافس يدور بين مرشحي تيار المستقبل نفسه في غياب أي قوة إنتخابية مقابلة. علماً أن حصة هذه المحافظة الكبيرة (يبلغ عدد أفراد ناخبيها 170 في مقابل 148 في الشمال) تقتصر على عضو واحد في مقابل سبعة لدائرة طرابلس والشمال، وهو خلل تقول أوساط قريبة من المستقبل أنه «سيعالج بتعيين عضوين من عكار في المجلس الشرعي بدلاً من واحد». المصادر أوضحت أن «توجه قيادة التيار هو تعيين عضوي المجلس الحاليين، علي طليس ونقيب محامي الشمال محمد المراد، اللذين لم يترشحا، على أن ترشح وسيم المرعبي للانتخابات». وهذا ما أثار إستياءً في صفوف فئتين: الأولى من خارج العائلات السياسية التقليدية التي وقفت إلى جانب تيار المستقبل منذ عام 2005 لتجد نفسها دائماً خارج حسابات القيادة المستقبلية واهتماماتها في أي إنتخابات؛ والثانية مناطقية، إذ تغيب منطقتا السهل وأكروم كليّاً عن اهتمام التيار في أي تعيينات أو توظيفات، وهو استياء يتوقع أن تفشل رهانات قيادة المستقبل على احتوائه لاحقاً.