خلال حفل افتتاح نظارة لقوى الأمن الداخلي قبل ظهر السبت في السوق التجاري في صيدا، أصرّ آمر قوة الدرك المنتشرة عند أحد مداخل الاحتفال، على منع نائب المدينة أسامة سعد من الدخول بسيارته إلى باحة الاحتفال. لم يربك الضابط بضخامة الموكب المؤلف من سيارة رباعية الدفع من طراز صمّم قبل أكثر من عقدين، ولا بعدد المرافقين الذي يقتصر على شخص واحد فقط. من دون سبب واضح، إنما بكل ثقة وفوقية، أمر الضابط ممثل الأمة بركن سيارته في الخلف والترجّل إذا أراد سيراً نحو الاحتفال، بخلاف زملائه النواب والشخصيات المدعوة الذين سمح لهم بالوصول بسياراتهم. حينها، ثار غضب سعد. بثوان، تقمّص والده الشهيد معروف سعد الذي لم يتوان عن صفع ضابط في حال تعسف باستخدام سلطته. صفع سعد الابن بهجومه الصارخ الضابط ومرؤوسيه في العسكر والسياسة، ضارباً بسيفه «البضاعة الفاسدة الجالسة في الاحتفال التي لا يشرّفه الجلوس معها». لم يعد الموقف محصوراً بأمتار قليلة يسلكها سعد بالسيارة، أو راجلاً، ولم يعد يواجه ضابطاً وعناصره. كيل الشتائم طاول النظام برمّته المتجسّد بالدرك الذين تقمّصوا بدورهم زعماء السلطة المصرّين على تذكير أسامة سعد بأنه نائب الفقراء. فلا يتوانون عن اعتماد سلوك تمييزي وطبقي تجاهه كالذي يسلكونه مع من يمثلهم. الدولة التي يدوس على كرامتها المسؤول ومرافقوه وأبناؤه وزوجته وأصدقاؤه، تستخف بسعد ومن يمثل. تناسى ابن معروف سعد الاحتفال، مستذكراً في صراخه الشعب «الذي لا بد أنه سيقلب تلك السلطة وأدواتها».صمّ المعنيّون بالشتائم آذانهم عن صراخ سعد. المعنيّة الأولى النائبة بهية الحريري تعمدت إشاحة نظرها عن التجمّع المحيط بسعد قبالة الاحتفال. لكن ذلك التجمّع أجبر المنظّمين على تعديل مسار خروج المدعوّين. وبينما كان يصرخ سعد بالناس لكي ينقلبوا، كانت فرقة الموسيقى في قوى الأمن الداخلي تعزف لها لحن الاستقبال. كيف لا وهي «الست» في نظر الحاضرين، بدءاً من راعية الاحتفال ريا الحسن، إلى رؤساء البلديات والقضاة والضباط في المنطقة الذين لها اليد الطولى في تعيينهم أو إبعادهم. سعد في قمة غضبه، لم ينس هذا الواقع. ما إن بادره قائد منطقة الجنوب الإقليمية العميد غسان شمس الدين بالقول «جايي تردّلنا ياها» (في إشارة إلى منع سعد من دخول مخفر الحسبة في أيار الماضي)، حتى عاجله سعد: «ما تحكي معي يا طرطور»، (في إشارة إلى علاقته الوثيقة بالحريري التي أوصت بتعيينه، وتعقد معه، بصورة شبه يومية، جلسة صباحية تنسيقية يشارك فيها محافظ الجنوب ورئيس بلدية صيدا). وفي هذا الإطار، سجل تعليق لافت للنائب زياد أسود على ما تعرض له سعد: «ما حصل سببه الأول والأخير سلوك من تعتقد نفسها أكبر من أهل مدينتها والجوار الجزيني».
الدرك تقمّصوا دور زعماء السلطة المصرّين على تذكير أسامة سعد بأنه نائب الفقراء


تحت شعار «أسامة كرامة صيدا»، قام عدد من مناصري التنظيم الشعبي الناصري عقب الإشكال بقطع الطرقات في صيدا احتجاجاً، قبل أن ينسحبوا بطلب من سعد. وفي وقت لاحق، أصدرت قوى الأمن بياناً قالت فيه إن سعد «سلك أحد المفارق الذي اعتمد كموقف للمدعوّين والذي يبعد حوالى 4 أمتار عن مكان الاحتفال، وكان مقفلاً بواسطة سيارات الشخصيات المدعوّة، وقد تمنى الضباط الموجودون في المكان عليه الدخول إلى مكان الاحتفال، لكنه أصر على إزاحة جميع السيارات المتوقفة على هذا الطريق، عندها حصل اعتراض وهرج ومرج من قبل مناصري النائب سعد، وأقدم أحدهم على تحطيم الزجاج الخلفي لآلية عسكرية ذات لوحة مدنية كانت متوقفة في المكان».