تلوّح المؤسسات التربوية الخاصة التابعة للجمعيات الدينية، بين حين وآخر، بإقفال مدارسها شبه المجانية بحجة تأخير الدولة لمستحقاتها. فيما تُطرح علامات استفهام حول مصير البدلات التي تتقاضاها هذه الجمعيات نفسها من الدولة، وهي توازي 11 مليار ليرة سنوياً (تعادل ثلث إيجارات المباني المدرسية الرسمية)، يفترض أنها كافية لتغطية مصاريف مدارسها.وبحسب مشروع موازنة 2020، تبلغ قيمة إيجارات المباني المدرسية الرسمية 34.5 مليار ليرة لبنانية مقسّمة كالآتي: 22.5 مليار ليرة للمدارس الإبتدائية، و12 ملياراً للثانويات. وبحسب دليل المدارس للعام 2015/2016 **، يبلغ عدد المدارس الرسمية في لبنان 1270 مدرسة، منها 655 مبنى تعود ملكيتها للدولة (وزارة التربية والبلديات والمشاعات)، مقابل 430 مبنى تعود لأفراد أو ورثة أو جمعيات أهلية، و185 مبنى (30% من المباني المستأجرة) تعود ملكيتها الى جمعيات دينية وأوقاف ورهبانيات وعقارات تابعة لمساجد، ما يعكس حجم الأملاك التي تمتلكها المؤسسات الدينية المعفاة من الضرائب. وتضم المباني المملوكة من الأفراد والمؤسسات الدينية 15 و25 شعبة وأحياناً 28 شعبة في بعض مناطق العاصمة وجبل لبنان، في حين أن معظم المباني المملوكة من الدولة تضم شُعَبًا أكثر.
ومعروف أن إيجار مدرسة من 20 شعبة (مكاتب الإدارة والملعب والمنتفعات الأخرى ضمنًا) تتسع لنحو 500 طالب في مدينة خارج العاصمة يبلغ 140 مليون ليرة سنوياً، مع إبقاء مسؤولية الترميم الخارجي على المالك.
تخضع أملاك الأفراد والورثة والجمعيات الأهلية لقانون الضرائب وبالتالي لرسوم القيمة التأجيرية والبلدية وضريبة الدخل للأفراد وغيره. وفي المقابل، لا تخضع أملاك ومباني المؤسسات الدينية والأوقاف والرهبانيات والمساجد لأي ضريبة أو رسم بموجب القانون 210/2000 وقوانين أخرى، وبالتالي فإنّ مداخيل الطوائف من الإيجارات البالغة نحو 11 مليار ليرة سنوياً تُدفع إلى المؤسسات الدينية سنويًا مُعفاةً كُلِّيًّا من الضرائب والرسوم والرسم البلدي.
وتضاف هذه الايرادات إلى أكثر من 28 مليار سنوياً تتقاضاها الطوائف مِن خزينة الدولة بمخصصات ثابتة كرواتب للمفتين والقضاة ورؤساء الطوائف ونفقات الإدارات والموظفين في المحاكم الدينية، وإلى ما تخصصه وزارات مثل التربية والشؤون الاجتماعية من مبالغ ضخمة للجمعيات الرعائية والمدارس نصف المجانية ودور الأيتام والعجزة (راجع الأخبار الخميس 20 تموز 2017).
ومعلوم أن ملكيات المساجد والكنائس والأديرة عبارة عن عقارات ومؤسسات تُخَصَّص لأعمال الخير للمجتمع، وبالتالي هي أملاك جَمعية (لجماعة محددة) تحت وصاية دينية. إلا أن إحدى الطوائف، مثلاً، تمتلك مبنَيَيْن لمدرستين في بلدة قرب بيروت، تؤجرهما بـ 200 مليون ليرة سنويًا، يفترض أن يعود قسم كبير منها إلى أبناء البلدة التي تقع المَدارس في منطقتها العقارية، إما بدعم التعليم أو الخدمات الصحية أو الاجتماعية المختلفة. والمفارقة أن هذه العقارات هي في الأساس ملكٌ عام لجماعة في هذه البلدة تَحصل عليها جماعة أخرى من دون عِلم البلدة صاحبة الوقف. كما أن الوصي على الوقف لديه السلطة لاستثمارها تِجاريًا وماليًّا من دون إعلام الدولة والجماعة بذلك، ومن دون دفع ضرائب أو رسوم على نشاطه.
إذاً هناك 185 مؤسسة دينية تتصرف بهذه الطريقة، تستثمر عقارات هي وصية أو وكيلة عليها، تَقتَنِص 11 مليار ليرة من مال الدولة العام تحت مُسمى الخدمة العامة لجماعتها، فيما الجماعة المعنية لا تعرف أين تُصرف هذه الأموال.
*باحث في التربية والفنون

**دليل المدارس للعام 2018 الصادر عن المركز التربوي حُذف منه اسم المالك وذكر فقط في خانة المالك: (الدولة/ خاص) للإشارة إلى الملكية.


توزّع الملكيات بين الطوائف

ملكية المدارس
الـ 185 وإيراداتها الـ 11 ملياراً تتوزّع على الطوائف كالآتي:
• الموارنة (وقف، رهبانيات، مطرانيات، جمعيات دينية، الخ): عدد المباني: 65؛ الإيرادات التقديرية: 3.8 مليار ليرة.
• سُنَّة (وقف، مساجد، جمعيات، الخ): 55 مبنى و3.14 مليار ليرة.
• أرثوذوكس (وقف، مطرانيات، جمعيات دينية، الخ): 25 مبنى و1.43 مليار ليرة.
• شيعة (وقف، جمعيات، الخ): 23 مبنى و1.4 مليار ليرة.
• دروز (وقف، جمعيات): 6 مبان و0.33 مليار ليرة.
-أقليات مسيحية:11 مبنى و0.63 مليار ليرة.