تغيّرت صيدا كثيراً بين 2011 وأمس. حينذاك، نزلت مدينة رفيق الحريري في يوم غضب على إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، صادحة «يا صيدا قومي قومي... سرقوا منا الحكومة». أمس، وبمشاركة المئات من أبناء العائلات الصيداوية المحسوبة على تيار المستقبل، صدحت مستديرة إيليا: «يا صيدا قومي قومي... بدنا نسقط الحكومة». بشبه إجماع، رفض المتظاهرون منح «الشيخ سعد» فرصة لتطبيق «إصلاحاته». سريعاً، أسقطوا ورقته ورفعوا لافتتهم: «عذراً، الدوار مقطوع للإصلاح». يصعب على كثير من الصيداويين الهتاف ضد ابن جلدتهم. لم ينزل الآباء. هم إما متضامنون مع النائبة بهية الحريري التي خفتت تصريحاتها في الأيام الماضية، وإما محرجون من الزمن الذي كانوا يُحسبون فيه عليها وعلى عائلتها التي أسهمت شركاتها في التغيير الطبقي والاجتماعي في عاصمة الجنوب. لكن الأبناء لا يبالون بتلك الاعتبارات. يعرفون عن مجدليون دعمها المبطّن لأحمد الأسير، وصرف موظفي سعودي أوجيه ومؤسسات المستقبل من دون رواتب وتعويضات، وروائح معمل فرز النفايات والجمود الاقتصادي (...). وفي الخندق المقابل للحريرية، سجلت مشاركة لافتة لمحسوبين على التيارات الإسلامية والسلفية. أسّس أبناء صيدا لخيمة الاعتصام المفتوح في «إيليا». لكن المشاركة اليومية للآلاف من بلدات أقضية صيدا والزهراني وجزين، حوّلته إلى كرنفال امتاز بسلميّته وأجوائه الغنائية والراقصة. الجوار الذي انفضّ عن بوابة الجنوب بسبب السياسات الحريرية المذهبية التي رفعت شعار «صيدا لأهلها»، عادوا إليها متظاهرين ضد الحريرية وزملائها في السلطة. هؤلاء الضيوف تنادوا مساء أمس إلى الدوار بعد خطاب الرئيس الحريري بشأن الورقة الإصلاحية، وتلاقوا مع دعوة النائب أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وهيئات المجتمع المدني إلى الاستمرار بالتحرك. سعد استقبل البزري في مكتبه، واعتبرا أن الورقة الإصلاحية «لا تتعدى كونها محاولة للالتفاف على الانتفاضة الشعبية».كان للجيش رأي آخر في صيدا ومحيطها. بعد خطاب الحريري، نزلت وحدات من الاستخبارات إلى التجمعات التي تقطع الطرق في الصرفند والغازية وعدلون والنجارية وعملت على فضّها وفتح الطرقات. في صيدا، تبلغت القوى المعنية بالتظاهر «مهلة حتى فجر اليوم لفتح الطريق حول دوار إيليا أمام حركة السيارات وانكفاء الاعتصام في زاوية جانبية»، وفق مصدر مواكب.