في ساحة حلبا التي شهدت عام 2015 انتفاضة «عكار مَنّا مزبلة» في وجه استقدام نفايات بيروت وضواحيها الى عكار، احتشد الآلاف لليوم الثاني في وجه سلطة أمعنت في حرمانها، على مدار الأعوام الماضية، من أبسط مقوّمات العيش.«لم يعد بإمكاننا الصمود أكثر. تعبنا من التنقل على الطرق لبلوغ جامعتنا الوطنية، لأن الجامعة الموعودين بها في عكار لم ولن تبصر النور»، يقول طلاب حضروا من بلدة فنيدق في جرد القيطع للمشاركة في الاعتصام. المتظاهرون حضروا من كل بلدات المحافظة: عكار العتيقة، تكريت، الشقدوف، الدورة، رحبة، منطقة السهل، والشفت والدريب وغيرها. «نزلنا بعد كلمة رئيس الحكومة. شبعنا من الوعود، خصوصاً أن الوعود الانتخابية لم تجف بعد. كيف لنا أن نثق بهذه الطبقة الحاكمة وأن نلدغ من الجحر نفسه مئة مرة؟»، يقول أحد المتظاهرين.
تعددت الأطياف المشاركة في الاعتصام، وتعددت الشعارات المرفوعة، وإن كانت جميعها تجمع على رفض «حكم المصارف» و«حكم الأزعر»، فيما غابت الشتائم للسياسيين، وتوحد المعتصمون ضمن «لجنة تنسيق الانتفاضة الشعبية» وخيمة «اعتصام حلبا» التي تضم مختلف القوى والأحزاب والتجمعات المنظمة والمشاركة في الاعتصام.
غضب المعتصمين انصبّ أيضاً ضد بلديات عكار التي «أثبتت انها خاضعة لقرارات أهل السلطة، فلم تكلف نفسها حتى عناء إصدار بيان تضامن»، يقول الشيخ محمود شتيوي.
الناجحة في امتحانات التعليم الثانوي لينا الشعار تواظب على الحضور مع عائلتها صباح كل يوم، لأن «من حقي أن أحصل على فرصة في تأمين مستقبلي ومستقبل عائلتي. هذا حق وليس منّة من أحد، والحق والكفاءة يجب أن لا يخضعا للتوازنات الطائفية والحسابات الضيقة، نحن بشر بغض النظر عن انتماءاتنا الطائفية والحزبية».
يردّد الشيوعيون المتمترسون في الساحة من دون كلل أو ملل، وغالبيتهم من الأساتذة والأطباء والمهندسين، «أن كل ما نشهده هو بسبب سياسات سلطة الفساد والنهب، سلطة تحالف الإقطاع بجديده وقديمه مع المصارف التي تنهب البلد وتعبث بقدراته وترهنه للبنك الدولي وصندوق النقد».
وقد حرصت «لجنة تنسيق الانتفاضة الشعبية» على تعميم بيان، دعت فيه أهالي عكار وفقراءها وفلاحيها، والمتعاقدين والموظفين، المهدّدين بلقمة عيشهم ومستقبلهم وبالعملة الوطنية التي تفقد قيمتها، إلى الانخراط أكثر في مواجهة سلطة رأس المال، سلطة المصرف، سلطة الميليشيات، حتى إسقاطها وإقامة سلطة الشعب».