من أمام الاتحاد العمالي العام، خرجت أول من أمس التظاهرة الثالثة لـ «تجمع مهنيات ومهنيين» مفتتحة «أسبوع النقابات والروابط» والعمل لحركة نقابية مستقلة، بعد وزارة العدل وأسبوع «القضاء المستقل»، ومصرف لبنان والمناداة باسقاط حكم المصرف.بات السبت موعداً أسبوعياً لتظاهرة التجمع الذي ولد من رحم انتفاضة 17 تشرين، كمحاولة لإعادة الاعتبار لقيمة العمل في التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي. هو ليس تجمعاً مغلقاً أو محصوراً بالمهن الحرة انما يشمل جميع قطاعات العمل، كما أوضح أحد مؤسسيه الطبيب غسان عيسى. والتجمع لا يزال في مرحلة التشكل على مستوى المهن والمناطق، وإن بات يضم حتى الآن مهنيات ومهنيين من قطاعات الصحة، الهندسة، التعليم، المحاماة، الصحافة، الثقافة والفنون، ومن بيروت وصيدا وطرابلس وصور وكسروان والبقاع. بحسب عيسى، المدخل للتغيير السياسي هو العمل، الكفاءة والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والجندرية والثقافية.
للتجمع هدفان، الأول مباشر وهو التأكيد على الطبيعة الاجتماعية للصراع الذي تخوضه الانتفاضة الشعبية، والهدف الأبعد هو حشد طاقات المهنيات والمهنيين والفئات الاجتماعية المتضررة من نظام المحاصصة الزبائنية لتحرير النقابات والروابط والتجمعات المهنية من هيمنة أطراف السلطة منذ الطائف، وبلورة تيارات مستقلة تستعيد دور العمل النقابي وتمثيل المصالح الاجتماعية والمهنية. يعني ذلك أن التجمع لن ينتهي بانتهاء الانتفاضة، وإن وضع، وفق عيسى، مظلة سياسية هي «دولة الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والعلمانية»، وتشكيل حكومة مدنية لا عسكرية تضم أشخاصاً يحظون بثقة الشعب من خارج أحزاب السلطة وليسوا «تكنواقراط».
في استراتيجية العمل، ينسق التجمع مع أطر نقابية مستقلة قائمة مثل «التيار النقابي المستقل» الخاص بأساتذة التعليم الرسمي و«نقابيات ونقابيين بلا قيود» في التعليم الخاص و«نقابتي» الخاصة بالمهندسين و«تكتل طلاب الجامعة اللبنانية»، وشبكة مدى الطلابية والشبابية التي تضم الأندية العلمانية واليسارية، وينظم حالياً تظاهرات وحوارات متنوعة في ساحات الانتفاضة. ويجتمع يومين في الأسبوع.
وكان «تجمع أساتذة مستقلين في الجامعات» سبق «تجمع مهنيات ومهنيين» إلى التشكل في الأسبوع الأول للانتفاضة، إذ سارت تظاهرة من أمام الجامعة اللبنانية الأميركية مروراً بجامعات بيروت وصولاً إلى رياض الصلح وقد شارك فيها نحو 6 آلاف أستاذ وطالب. وبدأ التفكير، بحسب الأستاذ في الجامعة اللبنانية الأميركية حسين حسن، بـ «التشبيك مع مهن أخرى ترتبط نقاباتها بأحزاب السلطة، فنشأت مجموعات في كل قطاع وانضوت تحت ما سمي «تجمع مهنيات ومهنيين» ومنها تجمعنا، من دون أن يلغي التجمع الكبير أن يكون لكل قطاع أجندة مهنية خاصة به لا تتعارض مع المظلة السياسية للتجمع».
تجمع المهنيات والمهنيين مستوحى من التجربة السودانية التي نجحت بفضل التجمعات المهنية والتصويب على القطاعات الانتاجية، وإن كانت التركيبة الطائفية في لبنان أكثر تعقيداً من السودان، كما قال حسن. يركز الأستاذ الجامعي على طلاب الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة «الذين هم عصب الانتفاضة والعنصر الأكثر حيوية في التظاهرات، ونسعى لحركة نقابية تشجع القطاعات الانتاجية وتحمي العمالة المحلية، وتنادي بإيجاد فرص عمل لطلابنا خصوصاً أن واحداً من ستة متخرجين يجدون عملاً، بحسب إحصاءات عام 2018».
من جهته، ينادي التيار النقابي المستقل بـ«حركة نقابية ديمقراطية مستقلة على أنقاض الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية اللذين ينفذان أجندة السلطة ويمرران لها ما تريده من إجراءات موجعة. فالاتحاد والهيئة غابا عن الشّارع والنّاس والعمّال والموظفين والاساتذة والمعلمين، منذ أن وضعت قوى السلطة اليد عليهما، وهما ينتظران أوامر المكاتب الحزبية في كل الخطوات».
الهدف، بحسب القيادي في التيار جورج سعادة، هو سد الفراغ النقابي لدى كل الشرائح الاجتماعية من عمال ومهنيين وأساتذة ومعلمين في القطاع العام والخاص، عبر بناء إطار نقابي يمثل الناس وحقوقها ومصالحها والحفاظ على مكتسباتها. يطالب التيار بحريّة تنظيم العمل النّقابي من دون ترخيص مسبق للعمّال وموظفي القطاع العام والأساتذة والمعلمين وكافة القطاعات استنادًا للاتفاقية الدوليّة رقم 87 والاتفاقيّات ذات الصلة التي تعتمد الحريات النقابيّة من دون قيد أو شرط.