لم يتمكن متعهد صفقة اليد العاملة في المصلحة الوطنية لنهر الليطاني من دفع رواتب موظفيه المياومين في المصلحة عن طريق التوطين المصرفي، كما جرت العادة. أزمة القيود على التعاملات المصرفية أجبرت المصلحة على الموافقة على دفع قيمة الرواتب نقداً، أول من أمس، في مقرها، بمؤازرة قوة من أمن الدولة. الشركة المتعهدة تقديم الخدمات للمصلحة (توفر موظفين للمصلحة تحتسب أجورهم يومياً)، لم تستطع سحب قيمة الرواتب من حسابها في أحد المصارف في إطار ما تمارسه البنوك من حجز تعسفي لأموال المودعين. كما منعته من تحويل القيمة المطلوبة إلى مصرف آخر. ومنعاً لتأخر صرف رواتب المياومين، اتخذ مجلس إدارة المصلحة قراراً يطلب من المتعهد توفير قيمة الرواتب نقداً، على أن تقوم المصلحة في المقابل بسداد القيمة نقداً أيضاً من حسابها في مصرف لبنان. وبعد موافقة البنك المركزي الاستثنائية وإطلاع وزيري الطاقة والمياه والمالية على القرار، تمّت عملية صرف رواتب المياومين من قبل المتعهد من جهة، وتسديد حقوقه من جهة أخرى بإشراف لجنة شكلتها المصلحة للغاية وسط حماية أمنية من عناصر أمن الدولة.مشكلة مصلحة الليطاني تبدو هينة بالمقارنة بين عدد مياوميها (190 شخصاً) مع مئات المياومين الذين يعملون لمصلحة عدد من الإدارات العامة التي تعتمد على شركات مقدمي الخدمات، ومنها مؤسسة كهرباء لبنان.
على سبيل المثال، وردت إلى «الأخبار» معلومات تفيد بأن المياومين في إحدى شركات تقديم الخدمات لمؤسسة كهرباء لبنان لم يتقاضوا أجورهم ابتداءً من شهر تشرين الأول المنصرم.
صرف الرواتب ضمن صفقات تقديم اليد العاملة ليس المشكلة الوحيدة الناتجة من أزمة المصارف. المشكلة، وفق رئيس مجلس إدارة مصلحة الليطاني، سامي علوية، تمتد إلى «تجديد تلك الصفقات للسنوات المقبلة، في ظل إحجام المتعهدين عن المشاركة بسبب عجزهم عن إثبات شهادات الملاءة المصرفية وتقديم الكفالات المصرفية والخشية من عدم استقرار سعر صرف الليرة، فضلاً عن وقف التسهيلات المصرفية وتقييد التحويلات والسحوبات، فيتعذّر تحويل الرواتب بين الحسابات المصرفية للمتعهد التي يودع فيها أمواله، من ضمنها المخصصة لتوطين رواتب المياومين».
المشتريات في الإدارات العامة أصبحت «شبه مستحيلة» باستدراج عروض أو مناقصة


أزمة المصارف لا تعيق صرف رواتب المياومين فقط، إنما تؤثر أيضاً على المشتريات في الإدارات العامة. إذ أصبحت شبه مستحيلة بموجب استدراج عروض أو مناقصة عمومية، بفعل صعوبة الحصول على الكفالات المصرفية والعجز عن تأمين الكفالات المؤقتة والنهائية. ولا يكفي استغلال المصارف، إذ واجهت بعض الإدارات العامة استغلالاً من قبل بعض الشركات لأزمة الليرة. على سبيل المثال، اشترطت شركة «توتال» الفرنسية على المصلحة دفع بدل المحروقات عن شهرَي أيلول وتشرين الأول التي تزوّد بها الآليات التابعة لها، نقداً، ولم تعد تقبل الدفع عبر التحويل المصرفي، كما جرت العادة طوال سنوات. وفي هذا الإطار، رأى علوية أن هناك «تحولاً في عمل المؤسسات العامة، ما يوجب خلق حلول ضمن الأطر القانونية للحفاظ على استمرارية عملها».