لليوم الثاني على التوالي، حاول الرئيس السابق لمجلس إدارة تحالف «نيسان - رينو»، كارلوس غضن التخفيف من وقع زيارته الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 2008، ولقائه رئيس كيان العدو سمعون بيريز، ورئيس وزرائه إيهود أولمرت ومسؤولين آخرين. بعد عامين من عدوان تموز 2006، التقى غصن بهؤلاء، والتقط معهم صوراً تظهره سعيداً بذلك. اول من امس، في مؤتمره الصحافي، ورداً على سؤال وجهته له «الأخبار»، اعتذر غصن من اللبنانيين الذين يريد حشد تعاطفهم معه بعد فراره من اليابان التي تحاكمه بتهمة التهرب الضريبي وقضايا فساد. قال إنه زار كيان العدو بجواز سفر فرنسي، موحياً بأنه كان مجبراً على ذلك، بسبب قرار صادر عن مجلس إدارة شركة رينو، وكأن قراراً مماثلاً يلغي القانون اللبناني الذي يحظر التعامل مع العدو، ويمنحه براءة ذمة عن مصافحته المسؤولين الإسرائيليين الذين تلطخت أيديهم بدماء اللبنانيين. اما يوم امس، وخلال التحقيق معه من قبل النيابة العامة التمميزية، فقد سعى غصن إلى منح نفسه «عفواً» بسبب مرور الزمن من جهة، ولأنه أبلغ مسؤولين لبنانيين بزيارته الأراضي المحتلة، بعد عودته منها!على مدى ثلاث ساعات مثل الرئيس السابق لمجلس إدارة «نيسان - رينو» أمام القضاء أمس. استُمع إليه بحضور وكلائه في قضيتين. الاولى بشأن مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه عن القضاء الياباني، والتي تبلغها لبنان عبر الانتربول؛ والثانية متصلة بالإخبار المقدم ضد غصن من قبل محامين لبنانيين لزيارته الأراضي المحتلة وتعامله مع العدو. بدأت الجلسة الأولى قرابة العاشرة صباحاً في مكتب مدير المباحث المركزية الجنائية في لبنان العميد موريس بوزيدان الذي استمع إلى غصن في الملف الذي يُلاحق فيه في اليابان لنحو ساعة، قبل أن ينتقل التحقيق إلى مكتب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ليبدأ استجوابه في الإخبار المتعلق بزيارته الأراضي الفلسطينية المحتلة المحتلة في جلسة استماع دامت قرابة ساعتين. وعلمت «الأخبار» أن غصن روى كيفية تلقيه دعوة من قبل شركة أميركية، عرضت على شركة رينو عقد صفقة لشراء تقنيات منها، لافتاً الى أن ملف التعاقد هذا كان يتولاه موظف مسؤول في شركة رينو إلى أنّ تقرر توقيع العقد. يومها طلب الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز توقيع العقد في اسرائيل، فتقرر أن يحضر توقيع العقد مدير شركة رينو، إلا أن الطرف الاسرائيلي، بحسب إفادة غصن، أصرّ على حضور الرجل الأول في الشركة، رئيس مجلس الادارة آنذاك الذي كان غصن نفسه. وأكد أنّ الرحلة تمت بإيعاز من مجلس إدارة شركة رينو الذي وافق على حصول التوقيع في إسرائيل.
المحامون الذين تقدّموا بإخبار ضد غصن يعتبرون أن جرمه لم يسقط بمرور الزمن

غير أنّ غصن أكد للقاضي عويدات أنه لم يتم الاتفاق مع الاسرائيليين بعدما اعتبروا أن التكنولوجيا المطلوبة باهظة الثمن، واشار إلى أنه مكث في الاراضي المحتلة بضع ساعات قبل أن يغادر. كما كشف أنه بعد عودته أبلغ عدداً من المسؤولين اللبنانيين، بينهم رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، بزيارته الأراضي المحتلة. كذلك تحدث عن إبلاغ الأمر الى جهات أمنية لبنانية، لافتاً إلى حصول تواصل بين الدولة الفرنسية والجهات اللبنانية، حيث أوضح الفرنسيون انه طُلب من غصن تمثيل رينو. كما أكد أنه لم يحصل ان زار اسرائيل سابقاً أو لاحقاً، مشيراً إلى أن زيارته الأراضي المحتلة عام 2008 قديم وقد سقط بمرور الزمن (11 سنة). غير أن المحامين الذين تقدموا بالإخبار أكدوا للقاضي عويدات وجود تعاون اقتصادي قائم بين اسرائيل وشركة رينو، مستندين الى مقال نشر في الاعلام الاسرائيلي عن افتتاح مؤتمر بين رينو وشركة اسرائيلية عام 2016. واعتبر المحامون أن الجرم متتابع وأن حصول الافتتاح عام 2016 ينفي عامل مرور الزمن.
وقد قرر القاضي عويدات ترك غصن بموجب سند إقامة، طالباً من المحامين حسن بزي وجاد طعمة وعلي عباس تدعيم الإخبار بالمستندات لتدعيم الملف. كذلك طلب المحامون إرسال رسالة إلى شركة رينو للاستيضاح بشأن توقيع العقد.
أما الجلسة المخصصة للاستماع إلتى غصن بشأن مذكرة الانتربول، فقد تمحورت الاسئلة فيها حول النظام القضائي الياباني ومزاعمه بعدم توفر شروط المحاكمة العادلة له. وأبلغ غصن القاضي عويدات أنه لم يكن في مسار الدعوى اليابانية ما يشي بوجود عدالة. ولفت إلى بطء الإجراءات وتعمد عدم تحديد موعد لجلسة المحاكمة والتمادي بتعيين المواعيد، ناهيك عن تكرر إرجاء المواعيد رغم الاتفاق عليها. فضلاً عن عدم تسليم المستندات المتعلقة بالشكوى أو الاتهام وتقنين تسليمها والاستنسابية في السماح بالاطلاع على المستندات ما يضرب حق الدفاع. كلها كانت مؤشرات دفعت به الى اتخاذ قراره بمغادرة اليابان.
وقد قرر عويدات ترك غصن بموجب سند اقامة بعد ضبط جواز السفر الفرنسي ومنعه من السفر والطلب الى السلطات اليابانية تسليم ملف الاسترداد المقدم خلال أربعين يوماً. وفي حال لم تستجب للطلب اللبناني بإرسال الملف خلال المهلة المحددة، يصبح القضاء غير ملزم بأي إجراء.