الأسبوع الماضي، تقدّمت كتلة «اللقاء الديمقراطي» باقتراح قانون، بصفة العجلة، لتعديل المادة 16 من المرسوم 13955 (قانون الضمان الاجتماعي)، لتمديد «فترة التغطية الصحية للمصروفين من أعمالهم بسبب الأوضاع الاقتصادية لمدة سنة بدل ثلاثة أشهر»، مع ارتفاع الصرف الفردي والجماعي للعمّال والأجراء بعد 17 تشرين الأول الماضي.الاقتراح تضمّن تعديل الفقرة الرابعة من المادة 16 ليضاف إليها «(…) أما المضمون الذي لم تعد تتوفر فيه الشروط الضرورية لانتسابه لضمان المرض، نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي وقعت بها المؤسسات والشركات بعد تاريخ 17 تشرين الأول من العام 2019، فيستمر حقه بالاستفادة عن الأمراض التي تظهر خلال مدة الستة أشهر التي تلي تاريخ انتفاء الشروط المذكورة أعلاه، وكذلك يحق للمضمونة الاستفادة من تقديمات الأمومة إذا كان الموعد المفترض للولادة يقع خلال الستة أشهر التي تلي نهاية خضوعها للضمان (...) وفي حال انقضاء المهلة المحددة أعلاه دون أن يستعيد المضمون الشروط الضرورية لانتسابه لضمان المرض، تتولى وزارة الصحة العامة تغطية نفقاته الاستشفائية».
في مفهوم «اللقاء الديمقراطي»، يأتي هذا القانون في إطار «مساعدة الناس والوقوف إلى جانبهم». هو «موقف تضامن»، يقول عضو «اللقاء» النائب بلال عبدالله. ولئن كان يمكن لهذا النص أن يمرّ مروراً كريماً، كما يريد «اللقاء الديمقراطي»، إلا أن المشكلة التي أدار لها هؤلاء ظهورهم تكمن في مكانٍ آخر: من سيموّل الكلفة في حال إمرار هذا القانون؟
في المقام الأول، تكمن مشكلة الاقتراح في كونه يأتي «في غير مكانه»، وفق أحد أعضاء مجلس الإدارة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. إذ يفرض تحميل الضمان الاجتماعي أكلافاً مضاعفة غير مسنودة إلى موارد أساساً. إذ أن قانون الضمان الاجتماعي يفرض تمويل صناديق الضمان من اشتراكات الأفراد التي تدفعها عنهم المؤسسات والدولة (أكبر صاحب عمل). خلافاً لذلك النص، لا وجود لاشتراكات من مصادر أخرى. على هذا الأساس، واستناداً إلى القانون، عندما يُصرف العامل أو الأجير من العمل، يبقى مسجّلاً في الضمان الاجتماعي لمدة ثلاثة أشهرٍ فقط، تنتفي بعدها شروط انتسابه.
أما طلب تمديد الفترة، فهو «طرح شبه طوباوي»، دونه مشكلة إضافية تتعلق بمساهمة الدولة في فرع ضمان المرض والأمومة، وهو الفرع المطالب بزيادة خدماته لمن صُرفوا من العمل. وبحسب القانون، تتعهّد الدولة بتسديد 25% من الكلفة السنوية لهذا الفرع. غير أن الدولة لم تسدّد منذ أربع سنوات ما في ذمتها، ووصلت قيمة ما للفرع لدى الدولة إلى نحو 3400 مليار ليرة، ما يجعل إمكانية التمديد مهمة شبه مستحيلة.
المصدر استغرب «كيف لرجل كالنائب بلال عبدالله، الذي كان لأربع سنواتٍ عضو مجلس إدارة في الضمان الاجتماعي، أن يمشي باقتراحٍ كهذا؟»، ولا يجد تفسيراً سوى أن ما يحصل يأتي في إطار«المزايدة والضحك على الفقراء»، وخصوصاً أنه من العارفين كيف تسير الأمور في الضمان الاجتماعي.
الاقتراح يحمّل الضمان الاجتماعي أكلافاً مضاعفة غير مسنودة إلى موارد أساساً


«مزايدة معجّلة مكرّرة»، هذا ما يقوله أحد المسؤولين في الضمان الاجتماعي، منطلقاً من حقيقة أن موارد هذه الكلفة الإضافية «ستُسحب من قيمة صناديق أخرى، والأقرب هو صندوق تعويض نهاية الخدمة». وهذا واقع لا يمكن العبور فوقه، وخصوصاً أنه «ليس هناك من وفورات كي نعمل على زيادة منافع معينة». أضف إلى أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هو مؤسسة عامة وليس دولة قائمة بذاته، وهو تالياً «لا يملك مخرطة بتدقّ عملة كلما دعت الحاجة إلى ذلك». يختصر هذا الأخير حال الاقتراح بالقول «صاير معنا متل واحد بدو يرش منافع على العالم بس جيبتو متقوبة».
مع ذلك، ليست مشكلة التمويل هي كل ما في الأمر. فلئن كانت هذه الأخيرة معضلة يستحيل حلّها في ظل العجز المتواصل للدولة، إلا أن ثمة مشكلة أخرى تتعلّق بتعديل قانون الضمان الاجتماعي ومن سيسير فيه؟ إذ أن من المفترض أن يُعرض على المجلس النيابي، ولكن في ظل واقع الدولة المأزوم والضمان الاجتماعي كمؤسسة مهمة فهذا يستدعي «الكثير من العمل للتجرّؤ على تعديلٍ سيزيد الأعباء بلا شك».
إذاً، يواجه القانون معضلتين قد تقفان حائلاً أمام إقراره. أما في ما لو أقرّ، فمن يأتي بالتمويل لـ«الفرع الجديد في الدكانة»؟