يوم أمس لم يكن عادياً في بيروت، بل عُدّ أعنف أيام الانتفاضة منذ اندلاعها في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. هذا ما أكدته حصيلة لعدد الجرحى جمعتها «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام للصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني، وأفادت بوقوع «نحو 400 جريح بين متظاهرين وقوات الأمن» إثر المواجهات التي اندلعت، مساء السبت، بين الطرفين في محيط ساحتَي النجمة ورياض الصلح.بحسب معطيات الوكالة، فإن «377 شخصاً تمت معالجتهم في المكان أو نُقلوا إلى المستشفيات في أعقاب صدامات في محيط البرلمان وساحة الشهداء»، وذلك بالارتكاز إلى بيان للمديرية العامة للدفاع المدني اللبناني، أعلنت فيه أن «عناصر الدفاع المدني قدّموا الإسعافات الأولية اللازمة إلى 114 جريحاً تعرضوا لإصابات طفيفة وضيق في التنفس»، بينما «نُقل 43 جريحاً إلى مستشفيات المنطقة لتلقي العلاج اللازم».
في الإطار نفسه، قال الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني، جورج كتانة، إن الصليب الأحمر أسعف ما يقارب 140 مصاباً ميدانياً، فيما نقلت سيارات الصليب الأحمر حوالى 80 إصابة إلى المستشفيات. وفي حين أشار إلى أن عدد الجرحى في المستشفيات حسب إحصاءات الصليب الأحمر يُقدّر بـ 169 شخصاً، أوضح كتانة أن عدداً كبيراً من الجرحى تم نقلهم إلى المستشفيات، إما من قبل المتظاهرين أنفسهم أو من قبل الدفاع المدني.
بدورها، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في تغريدة على «تويتر»، أن «الحصيلة النهائية لأعمال الشغب والتعديات على عناصر قوى الأمن في المواجهات ليل أمس، هي 142 عنصراً من قوى الأمن الداخلي، بينهم 7 ضباط، منها 3 إصابات بليغة (كسور في الجمجمة)».
وكان الآلاف من المتظاهرين قد توافدوا، أمس، إلى شوارع العاصمة للمشاركة في المسيرات الاحتجاجية التي انطلقت عند الثالثة عصراً تحت عنوان «لن ندفع الثمن»، قبل أن يتوجه آخرون نحو مجلس النواب، الذي شهد محيطه اشتباكات بين المحتجين وقوات مكافحة الشغب، سرعان تصاعدت حدتها بعدما أُطلقت خراطيم المياه والغازات المسيّلة للدموع باتجاه المتظاهرين في ساحة النجمة لتفريقهم. كما استخدمت قوات الأمن الرصاص المطاطي، فيما رشق المتظاهرون عناصر مكافحة الشغب بالحجارة والمفرقعات النارية.
إلى ذلك، أطلق المحتجون على شبكات التواصل الاجتماعي دعوات جديدة للتظاهر، اليوم (الأحد)، بالقرب من المجلس النيابي للمطالبة بالإسراع في تشكيل حكومة اختصاصيين تنصرف إلى وضع خطة إنقاذية شاملة، فيما يواصل رئيس الوزراء المكلف حسان دياب منذ أكثر من 4 أسابيع، مشاورات لتشكيلها. ويقول المحتجون إن مواصلة التحرك تأتي للتأكيد على مطالبهم بعد مرور أكثر من تسعين يوماً على انطلاق الانتفاضة.

«لا مبرّر» لتجاوزات الشرطة
تزامناً، تمّ تداول تسجيل فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر تعرض موقوفين للضرب خلال خروجهم من آلية لسَوق السجناء في ثكنة الحلو.
وفي تغريدة على «تويتر» بشأن هذا التسجيل، أعلنت قوى الأمن الداخلي فتح تحقيق في الحادث، مشيرةً إلى أنه «سيتم توقيف أي عنصر اعتدى على الموقوفين». وتم توقيف الليلة الماضية 34 شخصاً، لكن النيابة أمرت صباح اليوم بالإفراج عنهم، حسبما ذكرت «الوكالة الوطنية».
من جانبها، اعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أنه «ليس هناك مبرر للجوء إلى القسوة عند استخدام القوة من قبل عناصر مكافحة الشغب ضد المتظاهرين السلميين». وطالب نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة، مايكل بيج، السلطات بـ«وضع حد لثقافة الإفلات من العقاب لتجاوزات عناصر الشرطة» متهماً إياهم بـ«إطلاق الرصاص المطاطي» بوجه المتظاهرين.