«يتوجّب على وزارة الاتصالات ممثلة بشخص الوزير أن تبادر، وبشكل فوري وتلقائي، ومنذ الساعة الصفر ليوم الأربعاء الواقع فيه 1/1/2020، إلى اتخاذ الإجراءات الإدارية والعملية كافة لاستلام إدارة القطاع الخلوي، على أن تتولى وزارة الاتصالات بواسطة المديرية العامة للاستثمار والصيانة مهمة الإدارة، من دون الحاجة إلى أي ترخيص أو موافقة يصدران عن أي مرجع آخر سواء في السلطة التنفيذية، القضائية أم التشريعية».بهذا الوضوح، ردّت هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل على السؤال الذي وجهه إليها رئيس لجنة الاتصالات النيابية حسين الحاج حسن (بناءً على توصية من اللجنة): هل يحتاج استرداد إدارة القطاع في ظل عدم التمديد للشركتين الخلويتين إلى قرار مجلس الوزراء؟
مبرّر السؤال، كان التضارب في الآراء بين أعضاء لجنة الاتصالات، في جلسة 20/1/2020، الذين أصروا على أن الاسترداد لا يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء، وبين وزير الاتصالات السابق محمد شقير الذي لم يسمع إلا لنفسه ولمصالح فريقه السياسي، ضارباً عرض الحائط القانون وتوصية لجنة الاتصالات، وقرر رفض الاسترداد والسير بتمديد مقنّع لشركتي «زين» و«أوراسكوم».
لتأكيد وجهة نظره، لم يتردد شقير بنزع صلاحية الموافقة على استرداد القطاع عن نفسه، بحجة «ما يحمله ذلك من تداعيات يعود أمر البتّ فيها إلى السلطة السياسية ممثلة بمجلس الوزراء». هرب من استشارة هيئة الاستشارات في وزارة العدل، التي وُجدت لإرشاد السلطة إلى طريق القانون، مفضلاً الأخذ برأي أحد مستشاريه، بحسب ما أعلن الحاج حسن بعد جلسة اللجنة. ورأي المستشار، على ما يتضح من البيان الذي أصدره المكتب الإعلامي لشقير، يلفت إلى أن «تغيير إدارة قطاع الخلوي يأتي من ضمن صلاحية مجلس الوزراء. وفي وضعية حكومة تصريف الأعمال يتطلب الأمر إما موافقة مجلس الوزراء أو الحصول على موافقة استثنائية».
قدّم شقير ديباجة غريبة تراعي توصية لجنة الاتصالات بضرورة استرداد القطاع، لكنها عملياً ترجئ هذا الاسترداد إلى أجل غير مسمى، بحجة انتظار الموافقة الاستثنائية. فكانت رسالته الموجهة إلى كل من «أوراسكوم» و«زين» في 31/12/2019، يبلغهما فيها مباشرة الوزارة باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة القطاع المنتهية مدته في اليوم نفسه، لكن مع إعطائهما مهلة 60 يوماً لاسترداد إدارة شركتي الخلوي تبدأ من تاريخ الحصول على الموافقة الاستثنائية.
تلك ديباجة فتحت مستقبل القطاع على المجهول. لا هو مُسترد ولا هو مُلزّم، لكن بحكم الأمر الواقع استمرت الشركتان في العمل كالمعتاد. وقد عمدتا بناءً على ذلك إلى الدعوة لجمعية عمومية تُعقد يوم غد. وعلى جدول أعمالها: أخذ العلم باستمرار رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وأعضاء مجلس الإدارة بتأدية مهامهم كالمعتاد بعد تاريخ 31/12/2019 وانتخاب مجلس إدارة جديد.
هيئة الاستشارات: استرداد القطاع لا يتطلّب موافقة مجلس الوزراء


هذه الخطوة صارت صعبة. بعد الفتوى التي أقرها عضو الهيئة القاضي محمد فواز وصدّقتها رئيسة الهيئة القاضية جويل فواز ووافقت عليها المديرة العامة لوزارة العدل رلى جدايل، فإن مفاعيل العقد مع «أوراسكوم» و«زين» قد انتهت منتصف ليل 31 كانون الأول الماضي، وبالتالي لا حاجة إلى مجلس إدارة جديد، إذ «يتوجب على وزارة الاتصالات أن تُبادر، وبشكل فوري وتلقائي، إلى استلام قطاع الخلوي». وعليه، يُفترض أن تكون المهمة الأولى لوزير الاتصالات الجديد بعد نيله الثقة استرداد القطاع. أمامه استشارة لا تترك مجالاً للشك في أن من يريد تطبيق القانون عليه استلام القطاع فوراً، وقبل البحث في مصير القطاع. بعد التنفيذ، «يجوز لوزير الاتصالات أن يرفع كتاباً إلى مجلس الوزراء يطلب فيها إجراء مناقصة جديدة لإدارة القطاع أو يطلب إجراء مزايدة وفقاً لدفتر شروط تُعدّه الهيئة المنظّمة للاتصالات لمنح الترخيص». تلك خطوات لاحقة، لكن الأساس أنه «بانقضاء فترة التمديد الأخيرة للعقد أصبح لزاماً على الدولة اللبنانية أن تستلم فوراً إدارة قطاع الخلوي من الشركتين المشغّلتين». ولمزيد من التوضيح، وبما يمكن اعتباره رداً مباشراً على حجة شقير لعدم تنفيذ مضمون العقد، تؤكد هيئة الاستشارات أنه «لا يستقيم القول بضرورة الاستحصال على ترخيص أو موافقة لذلك الاسترداد من جانب مجلس الوزراء بحجة أن الأخير أجاز تمديد مدة عقدَي الخلوي، وبالتالي يكون هو المعنيّ بالترخيص باستعادة إدارة القطاع عند انتهاء فترة التمديد عملاً بقاعدة الموازاة في الصيغ. فهكذا قرار يفترض عندها أن مجلس الوزراء هو المولج بإدارة القطاع، وبالتالي يعود إليه، بالاستناد إلى هذه الصفة، أن يدير القطاع بالطريقة التي يراها مناسبة، ويقتضي بالتالي العودة إليه عند كل قرار يتعلّق بالخلوي، في حين أن الواقع أن من يتولى إدارة القطاع هو وزير الاتصالات بواسطة المديرية العامة للاستثمار والصيانة».