15 شكوى بجرم التعذيب والإخفاء القسري وانتهاك الحقوق المدنيّة ادّعى بها 17 متظاهراً، «انتهت» بقرار لمعاونة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضية منى حنقير، بحفظها بشكل مخالف للقوانين واتفاقيات حقوق الإنسان. هذه الشكاوى هي جزء من مجموعة شكاوى يحضّر محامون لتقديمها، والمدّعون هم متظاهرون تعرّضوا لعنف الأجهزة الأمنيّة «أو سواها» بين 17 تشرين الأول 2019 والأول من شباط 2020.إحصائيّات لجنة المحامين المتطوّعين للدفاع عن المتظاهرين في هذه الفترة بيّنت أن عدد الإصابات في صفوف المتظاهرين بلغ 553، فيما جرى احتجاز 35% منهم رغم إصابتهم! أما الجهات المشاركة في الاعتداءات والتسبّب بالإصابات فهي: قوى الأمن الداخلي ومكافحة الشغب (64%)، الجيش ومخابرات الجيش (18.7%)، شرطة مجلس النواب (7.8%)، مدنيّون (8.5%) وغير واضح (1%). عدد الاعتقالات قارب الـ 906 (بينهم 49 قاصراً)، بمعدّل 8 توقيفات في اليوم، وتوزّعت التوقيفات على الشكل الآتي: الجيش ومخابرات الجيش (370 موقوفاً)، الأمن الداخلي ومكافحة الشغب (416)، أجهزة أمنية أخرى مثل أمن الدولة وحرس مجلس النواب والحرس الجمهوري والأمن العام (22) وجهة غير مؤكدة (98).


مسار الشكاوى الـ 15 أمام القضاء العدلي والعسكري، لا يُظهر إلى الآن سوى احتمال إفلات المعتدين من العقاب والمحاسبة المسلكيّة، ما دفع لجنة المحامين إلى عقد مؤتمر صحافي أمس، في نقابة المحامين، عرض فيه المحامون غيدا فرنجيّة ولؤي المغربي ومازن حطيط، خلاصة متابعة اللجنة لقضايا المعتقلين بعد 3 أشهر ونصف شهر، وكشفوا عن مصير الشكاوى ومخالفات النيابات العامة فيها.
الشكاوى الـ 15 رفعها المحامون أمام النيابة العامة التمييزية في 18 كانون الأول الماضي، عن 17 مدّعياً بجرم التعذيب (سنداً إلى القانون 65/2017) وبجرم الإخفاء القسري (سنداً إلى القانون 105/2018) وبجرم التعدّي على الحقوق المدنيّة للمتظاهرين (المادة 329 من قانون العقوبات). مسار الشكاوى بيّن عن ثلاث مخالفات جسيمة، إذ أحالت النيابة العامة التمييزية بعد نحو أسبوع، الشكاوى إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بدل القضاء العدلي، وهذه مخالفة للمادة 15 من أصول المحاكمات الجزائيّة التي تنصّ على أنه في حال ارتكاب أي جرم جزائي من قبل الضابطة العدلية «يكون القضاء العدلي هو الصالح للنظر في هذا الجرم»، كذلك هي مخالفة صريحة للأسباب الموجبة لقانون معاقبة التعذيب الرقم 65/2017 والمستمدة من الاتفاقيات الدولية والتوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان وهيئات المعاهدات الخاصة... التي نصت كلّها على أنه تناط صلاحيّة الملاحقة والتحقيق والمحاكمة بالقضاء العادي، فضلاً عن مبدأ المحاكمة العادلة الذي يمنع محاكمة المدنيّين أمام المحكمة العسكريّة.
أحالت القاضية حنقير شكاوى التعذيب إلى الأجهزة الأمنيّة المشكو منها


المخالفة الثانية تمثّلت بإحالة القاضية حنقير مضمون الشكاوى إلى الأجهزة الأمنيّة المشكو من عناصرها (مخابرات الجيش والأمن الداخلي) لإجراء التحقيقات. هذه الإشارة وفق المحامين مخالِفة لمذكرة النائب العام التمييزي بإحالة الشكوى إلى قاضي التحقيق المختصّ، ومخالفة للقانون 65/2017 الذي يوجب على المدّعين العامّين إجراء التحقيقات الأوليّة بأنفسهم عند الاقتضاء. وسأل بيان المحامين: «هل يُعقل أن يُستدعى الشاكي إلى الحضور أمام الجهاز الأمني الذي ادّعى على عناصره بارتكاب جرم التعذيب ضدّه؟». بعد هذه الإحالة، قدّم المحامون مذكرة إلى النائب العام التمييزي ليعود ويصدر قراراً بإعادة الملفات لمفوّض الحكومة.
في المرحلة الثالثة، جرى استرداد الشكاوى من الأجهزة الأمنيّة، لكن وقعت المخالفة الثالثة وتمثّلت باتخاذ معاونة مفوّض الحكومة قراراً بحفظ الشكاوى، استندت فيه إلى «عدم قبول المدّعين بالإدلاء بإفاداتهم أمام فرع المعلومات ومديريّة المخابرات». هذا القرار «المخالِف» تناقض أولاً مع إشارتها السابقة بإجراء التحقيق، وثانياً مع قرار النيابة العامة التمييزية ومع قانون معاقبة التعذيب والاتفاقيات الدوليّة.
المحامون ردّوا على أسئلة الحضور، ورفضوا اقتراح اللجوء إلى المحاكم الدولية كملاذ أخير، على اعتبار أن الهدف هو تحقيق استقلالية القضاء وتطبيق القوانين اللبنانية والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.