في كلمة له خلال الاحتفال الذي أقامه حزب الله أمس، في ذكرى القادة الشهداء وذكرى أربعين شهداء محور المقاومة لا سيما الشهيدين الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس، اعتبر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن اغتيال سليماني والمهندس «أدخل محور المقاومة والجمهورية الإسلامية في مرحلة حساسة ومصيرية جداً»، مؤكداً أن على «المستضعفين في كل العالم أن يعلموا أنهم يستندون إلى قلعة صلبة هي إيران، ومع مرور الأيام تزداد هذه القلعة صلابة». ولفت إلى أن «ما سُمّي صفقة القرن ليس صفقة بل خطة إسرائيلية تبنّاها ترامب لإنهاء القضية الفلسطينية»، معتبراً أن «نجاحها مرهون بالمواقف التي تتخذ والثبات على هذه المواقف». وأكّد أن «أميركا ليست قدراً مكتوباً ومشاريعها سبَق أن فشلت بسبب رفض الشعوب والمقاومة»، والأهم هو «موقف الفلسطينيين أنفسهم لأنه الحجر الأساس في مواجهة هذه الخطة، وقد عبّر الشعب الفلسطيني بالإجماع عن موقف حاسم ورافض، وهذا متوقع وطبيعي»، معتبراً أن «هناك ما يُمكن البناء عليه، وهو وجود الكثير من المواقف الرافضة لها».السيد نصر الله الذي بدأ كلمته بالمُباركة للشعب الإيراني وقادته بالذكرى الـ41 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران «التي صمدت في وجه كل الحروب والحصار والعقوبات»، كما المباركة للشعب البحريني بالذكرى التاسعة لثورته المُطالبة بحقوق مشروعة، لافتاً إلى أن «النظام البحريني حوّل هذه الدولة إلى قاعدة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي»، أكد أن «المقاومة ليسَت خطابات منفصمة عن الواقع، والشهداء جسّدوا كل القيم الانسانية والدينية والأخلاقية والجهادية».
وأشاد بالإجماع اللبناني على رفض خطة ترامب، معتبراً أن «الموقف اللبناني سببه إدراك اللبنانيين مخاطرها على المنطقة ولبنان»، خاصة أنها «تطال لبنان لأنها أعطت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر للكيان الصهيوني، كما تطاله بالتوطين»، ولأن الخطة في روحيتها «ستكون حاكمة على مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة، مع ما له من تأثير على الثروة النفطية». ولفت السيد نصر الله إلى أن ما يطمئِن بالنسبة إلى التوطين «هو الإجماع اللبناني والفلسطيني ومقدمة الدستور». ورأى أنه «يجب أن لا نغضب من بعض اللبنانيين إذا كان هناك مكان للخشية أو القلق، سواء بالنسبة إلى التوطين أم المزارع والتلال أم الثروة النفطية»، متسائلاً عن «الضمانة في أن تبقى هذه المواقف كما هي في المستقبل، فربما يأتي من يتحدث عن قبول المساعدة المالية بسبب الأوضاع الاقتصادية والمالية».
الموقف العربي من خطة ترامب، بحسب نصر الله، «ممتاز، لكن البعض يعتبر أنها قابلة للدرس أو أن هذا هو المتاح، وهكذا يبدأ الاستسلام»، معتبراً أن الخشية هي في «أن يذهب الموقف العربي، لا سيما الخليجي، بالمفرق». وأضاف «الخطة ولدت ميتة، لكن قد يصح القول إن هناك خطة يرفضها العالم لكن صاحبها مصرّ على تنفيذها وتطبيقها»، لذا «نحن أمام مواجهة جديدة لا مفر منها، لأن الطرف الآخر يهاجم ويبادر ويقتل ويشن الحروب». وقال إن «المرحلة الجديدة تفرض على شعوبنا في المنطقة الذهاب إلى المواجهة الأساسية، وهي مدعوة إليها»، موضحاً «أننا ما زلنا في مرحلة ردّ الفعل وردّ الفعل البطيء والمتأخّر أيضاً». وفي هذه المعركة، قال نصر الله، «نحتاج إلى الوعي وعدم الخوف من أميركا».
وفيما أكد أن «أميركا هي المسؤولة عن كل حروب إسرائيل وممارساتها»، تساءل: «من يصدّق أن الحرب الدائرة اليوم على اليمن ليست بموافقة وحماية ودعم من أميركا؟ وهي تفعل ذلك كي تستفيد اقتصادياً من بيع السلاح لدول التحالف». كما تساءل لماذا لا نلجأ إلى مقاطعة البضائع الأميركية؟ هذا جزء من المعركة، لأن نقطة ضعف الأميركي الأمن والاقتصاد. وشدد على أن «كل شعوب المنطقة ستحمل البندقية في مواجهة الاستكبار، وأميركا بنفسها لم تترك خياراً سوى ذلك»، داعياً كل العلماء والنخب والمؤسسات والحكومات إلى «الدخول في جبهة المقاومة المتعددة والشاملة لمواجهة أميركا».
نحن مع الناس ولا نعترف باقتصاد المنطقة أو الطائفة


من جهة ثانية، أكد نصر الله أن «المسؤولية الأولى للرد على جريمة اغتيال القائدين الشهيدين سليماني والمهندس ورفاقهما تقع على العراقيين»، وذلك «يكون بحفاظ العراقيين على الحشد الشعبي».
أما في الشأن الداخلي اللبناني، فتناول السيد نصر الله «الاستحقاق الذي يهيمن على عقول الجميع بالدرجة الأولى، ويشغل بال الناس، وهو الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنقدي»، مُشدداً على أن «الوضع يحتاج إلى معالجة، وكلنا مسؤولون ومعنيون». ورأى أن «الدولة في لبنان كانت قادرة على القيام بالكثير من الأشياء، لكن حصل ما حصل، وأنا قلت إننا لسنا قلقين على المقاومة وميزانيتها بل على المواطنين والبلد»، ومع ذلك «نحن كحزب الله لم نهرب من المسؤولية و لا نفكر بطريقة حزبية، نحن مع الناس ولا نعترف باقتصاد المنطقة أو الطائفة أو المدينة». وأضاف «نحن مستعدون لتحمل كامل المسؤولية وأن نتشارك بالمسؤولية لمعالجة الأوضاع القائمة، ولسنا هاربين من شيء، وقد دفعنا ثمن المواقف التي أخذناها من 17 تشرين الأول حتى اليوم. البعض شتمنا، لكن المهم أن نتحمل مسؤولياتنا ونؤدي واجبنا».
وقال: «يجب أن نقدّر لرئيس الحكومة والوزراء شجاعة تحمّل المسؤولية، وأعطينا الحكومة الثقة وندعمها ولا نتخلى عنها ولن نتخلى عنها، وسنقف إلى جانبها، لأن المسألة تتعلق بمصير البلد». وبينما دعا الى «فصل معالجة الملف الاقتصادي والمالي عن الصراع السياسي»، شدد على «ضرورة وضع التراشق بالاتهامات جانباً وإعطاء الحكومة الحالية فرصة معقولة ومنطقية لمنع الانهيار». وأضاف «هناك أمل، بينما هناك من يريد أن يقول للبنانيين عليكم الاستسلام للخارج وبيع دولتكم للخارج أو لغير الخارج»، قائلاً لمن يدعو إلى اليأس إنه «يرتكب خيانة وطنية، والمسألة تحتاج إلى الوعي والشجاعة والتضحية والتخلي عن الحسابات الخاطئة».
ودعا السيد نصر الله الحكومة إلى «المبادرة إلى الكتل السياسية أو تشكيل لجنة من المعارضة والموالاة، لأن الوضع الاقتصادي والنقدي في حالة خطرة»، مشدداً على أن «الأولوية هي للعمل على الإنقاذ، لأن الوضع يتهدّد الجميع». وتابع: «عندما يقول بعض القوى السياسية إنه يريد إعطاء الحكومة فرصة، عليه وقف التحريض عليها وتركها تعمل»، لافتاً الى أنه «إذا نجحت هذه الحكومة في وقف الانهيار والانحدار وتهدئة النفوس، فهي تقدم خدمة كبيرة لكل اللبنانيين».