إقفال الأسواق الشعبيّة في لبنان لم ينسحب على الأسواق والمجمّعات والمراكز التجارية (المولات)، وهو «ما لا يتطلّبه الوضع حالياً» وفق أكثر من مرجع معني بالموضوع. محافظ بيروت زياد شبيب الذي اتخذ قرار إقفال الأسواق الشعبية في العاصمة كإجراء احترازي، أوضح لـ«الأخبار» أن ما حتّم إغلاق هذه الأسواق الشعبيّة هو «كثافة التجمّع البشريّ ضمن بقع صغيرة، ومن مناطق وجنسيّات مختلفة، إضافة إلى أن البضائع فيها متعدّدة الأنواع والمصادر وبينها حيوانات وطيور وسواها، لذا فإن الخطر فيها أكبر... ولكن إذا تبيّن أن أيّ مكان آخر يشكّل خطراً فسنتّخذ التدبير المناسب». وأوضح أنه «يجري حالياً درس إقفال مقاهي الأراكيل وسنبتّ الأمر غداً (اليوم)».
ورغم استثناء الـ«مولات» من قرار الإقفال، إلا أن ذلك لم يحل دون انعكاس الهلع الذي سبّبه تسجيل 13 إصابة بالفيروس، على الحركة في هذه المجمّعات. رئيس مجلس إدارة شركة «أدميك» المدير العام لـ«سيتي مول» ميشال أبشي أوضح لـ«الأخبار» أن «التأثير كبير على المولات وأماكن التجمّع والأماكن المخصّصة للأطفال، وعلى الاقتصاد بشكل عام، فيما ردّة الفعل إلى حينه مبالغ بها، لكنّها مفهومة، إذ يحتاج المواطنون إلى وقت للتأقلم مع ظاهرة حديثة». وأكّد «انخفاض عدد روّاد المجمّعات التجارية يومَي السبت والأحد، كما أن قرار وقف المدارس أثّر سلباً. الهلع من كورونا جاء كضربة قاضية بعد الأزمة الاقتصاديّة وانخفاض القوّة الشرائية والغلاء المعيشي وتدهور المبيعات».
أبشي أشار إلى أن المجمعات التجارية «لم تبلّغ إلى حينه بأي تنظيم على صعيد الدولة لتحسين شروط الوقاية، لكننا نلتزم بالـ self discipline (إجراءات الضبط الذاتيّة) والمواصفات العالميّة من دون أن تطلب منا أي جهة ذلك!». وأوضح: «قمنا بزيادة سوائل غسل اليدين ووسائل التطهير ووزّعناها بشكل أكبر ضمن المؤسّسة وشجّعنا الموظّفين على الغسل والتعقيم بشكل مستمرّ، ووضعنا برنامجاً للتنظيف والتطهير في المطاعم والأماكن المخصّصة للأطفال». واستدرك «لكن لا يمكن للشعب والمؤسسات أن تقوم مكان الدولة بالتوعية المطلوبة على صعيد البلد والإعلام. المطلوب طمأنة علميّة مقابل التعايش مع واقع سيستمرّ إلى أشهر مقبلة ولن ينتهي بأسبوعَي إقفال».
بما أن «كورونا» هو فيروس وليس بكتيريا، فإنه «لا إجراءات خاصّة على صعيد السلامة الغذائيّة»، وفق مهندسة السلامة الغذائيّة في إحدى الشركات الكبرى. وأوضحت أن «ضبط المسألة في الأماكن العامة لا يزال محدوداً، لذا فالتدابير المطلوبة من المؤسسات التي تستضيف زبائن يجب أن تتضمّن أقلّه: إجراء الفحوصات الدوريّة للموظّفين، عقد حلقات توعية لهم، التزام المنزل لمن تظهر عليه عوارض الرشح، تكثيف التعقيم والتطهير، غسل اليدين بالماء والصابون».
أستاذ طب المجتمع والوبائيات في الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور سليم أديب اعتبر أن «إقفال الأماكن العامة مثل المجمّعات التجاريّة ودور السينما لا يزال أمراً مبكراً الحديث بشأنه، إذ هو إجراء يتمّ اللجوء إليه في حالات الأمراض الخطيرة والسهلة الانتشار». اما في حالة الـ«كوفيد - 19» فالمطلوب «مراقبة الوافدين والمختلطين بهم ووضعهم تحت المراقبة أو الحجر الصحّي». ولفت إلى أن «تنازل الدولة عن مسؤوليّاتها وتأخّرها في الإجراءات الاحترازيّة حيال الوافدين من البلدان الموبوءة، أدّى إلى تحميل المجتمع كلّه المسؤوليّة... والتضخيم أدّى إلى هلع لا داعي له». وعن الأماكن العامة وإمكانية انتقال العدوى من خلال لمس المساحات «الموبوءة»، لفت الى أن «إمكانية انتقال الفيروس على المساحات الصلبة ضئيلة حتى الآن، إذ يحصل ذلك لدى لمسها ثم وضع اليد على الوجه أو العين... لذلك نحن بحاجة إلى وقاية والتزام الإرشادات بشأن النظافة والتعقيم من دون هلع»، مشيراً إلى «أنه لا يمكن الطلب من الناس في هذا الوقت المبكر لانتشار الفيروس التزام المنازل، وإلا ماذا نفعل بعد أسبوعين أو أكثر؟». أما الحلّ فهو بـ«استئجار الحكومة فنادق للوافدين والمشكوك بإصابتهم ووضعهم فيها تحت رقابة صحيّة وأمنيّة». وأشار الى إيجابيّة تتمثّل «في أننا مجتمع فتيّ، والفئة العمريّة الشابة هي الأكثر اختلاطاً في الأماكن العامة والمدارس والجامعات، لذا فإن الوضع ليس خطيراً للبدء باتّباع الإجراءات التي اتّخذت في البلدان التي ارتفعت فيها نسبة الوفيات مثل الصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا وإيران».