«لا ثقة». هذا، باختصار، حكم أبناء محافظة بعلبك - الهرمل على المستشفيين الحكوميين في المدينتين الأكبر اللتين تحمل المحافظة اسميهما. فقد معظم هؤلاء ثقتهم بالواقع الاستشفائي الحكومي في المحافظة المترامية الأطراف (3009 كلم2) بسبب الإهمال المتمادي منذ عقود لحاجات المستشفيين اللذين طُلب منهما التحضّر لاستقبال المصابين بفيروس «كورونا» وعزلهم، في ظل واقع مالي مُزر، بعدما صُرف النظر عن دعمهما لسنوات مع تقليص سقوفهما المالية لمصلحة المستشفيات الخاصة.مستشفى بعلبك الحكومي الذي افتُتح في عهد الرئيس شارل حلو كان من المستشفيات الرائدة على مستوى العمليات النوعية، ومنها زراعة قرنية عين عام 1970، قبل أن تنهار سمعته ويفقد ثقة أبناء المدينة وجوارها بسبب واقعه المتردي منذ سنوات، لجهة التجهيزات والمعدّات، إذ لا يعمل فيه إلا 40 سريراً من أصل من 115. رغم ذلك، يعوّل أبناء بعلبك على وعود ابن مدينتهم، وزير الصحة حمد حسن، الذي سيزور المستشفى غداً للاطلاع على ما يحتاج إليه من تجهيزات. علماً أن الاستعدادات بدأت بإخلاء المبنى من المرضى العاديين، ويجري العمل على تجهيز طابقين من بينهما القسم الخاص بالعناية الفائقة، وبقدرة استيعابية تبلغ 44 سريراً، يضاف لها عند الضرورة 6 أسرّة التابعة لقسم العناية، كما يمكن لاحقاً استعمال أسرّة القسم النسائي وعددها 10.
المدير العام لـ«بعلبك الحكومي» الدكتور حسان اليحفوفي أكد لـ«الأخبار» أن المستشفى يفتقد حتى اليوم إلى جهاز فحص الإصابة بفيروس كورونا رغم الوعود التي كان آخرها وصول الجهاز السبت الفائت. وقال إن العمل حالياً يتركز على تأمين وسائل الحماية للكادر الطبي والتمريضي من ألبسة وأقنعة، «رغم وجود عائق أساسي وهو غياب السيولة المالية». ولفت إلى أن المستشفى يضم 6 أجهزة تنفّس مع جهاز تعقيم واحد، وهناك مساع لتنفيذ «تعديلات بنيوية في المستشفى»، إذ يقع قسم الأشعة والطوارئ في الطابق الأرضي عند المدخل، فيما قسم العمليات في الطابق الثالث، أما قسم التعقيم ففي المبنى الثاني، وهذا ما يفرض على الممرضين الانتقال بين المرضى والزوار في رحلتهم بين غرف العمليات والتعقيم والطوارئ، ويسبب عائقاً اليوم أمام العزل والتعقيم.
وعن التجهيزات التي يشاع أنها موجودة في مستودعات المستشفى ولم توضع في الخدمة، أوضح أنها «تجهيزات خاصة بأقسام لم تتمكن إدارة المستشفى من تشغيلها لغياب القدرة المالية كعناية الأطفال. لا مشكلة في هذه التجهيزات، وإنما في الكلفة التشغيلية البشرية لهذه الأقسام التي تحتاج بدورها إلى رواتب».
المستشفيان لا يزالان يفتقران إلى أجهزة الفحص المخبري للفيروس


أما في الهرمل، فلا تبدو الحال أفضل. الفحص الخاص بالفيروس غير متوفّر بعد. إلا أن المبنى الضخم ساعد إدارة مستشفى الهرمل الحكومي في عملية التجهيز والعزل السريع، إذ تم تجهيز طابق معزول بالكامل عن باقي أقسام المستشفى ولم تضطر الإدارة إلى إخلاء المرضى، ما يعني استمرار عمل أقسام غسل الكُلى وعناية الأطفال وحديثي الولادة والاستشفاء العادي والنسائي. المدير العام للمستشفى الدكتور سيمون ناصر الدين أوضح أن «25 سريراً باتت جاهزة في قسم معزول لاستقبال مرضى كورونا ويمكن إضافة 35 سريراً آخر إليها عند الضرورة». ولفت إلى أنه جرى الشروع في تركيب غرفة الضغط السلبي فضلاً عن تجهيز 7 غرف حجر، مشدداً على أن غياب الدعم المالي يشكل عائقاً أساسياً، «ونجهز بما توفر في صندوق المستشفى لتأمين الألبسة والأقنعة للكادر الطبي والتمريضي، ونجهد لتأمين جهاز الفحص، وهناك عروض من ثلاث شركات ويتم البحث في إمكانية توفير الكلفة المالية للجهاز والتي تصل إلى 95 مليون ليرة».