قد يكون استيفاء الأقساط المدرسية ملفاً مؤجلاً في ظل الظروف الاستثنائية الحالية. لكنّه سيأتي عاجلاً أم آجلاً، وسط تلويح قسم من الأهالي بعدم السداد بسبب عدم إسداء «خدمة التعليم»، ولكون التعليم عن بعد ليس بديلاً عن الصفوف الدراسية ويجب التعويض على التلامذة بأيام إضافية. فيما قسم ثانٍ يتردد في الإحجام الكلي عن الدفع، لكون واردات المدرسة مشروطة من حيث المبدأ بتسديد الأقساط، وقد تشكل ذريعة لإدارات المدارس لخفض رواتب المعلمين والموظفين أو الامتناع عن دفعها تماماً.ترى عضو المنسقية القانونية في اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، ملاك حمية، أن القسط لا يجب أن يستحق كاملاً سواء في المدارس التي اعتمدت التعليم عن بعد أو تلك التي لم تعتمد، فالنفقات التشغيلية المنصوص عليها في البند ج من الموازنة المدرسية يجب أن تعدّل حكماً تبعاً لعدم صرف المدرسة النفقات في الفترة التي أقفلت فيها أبوابها، وبالتالي يجب أن تخفّض من القسط. وبكلتا الحالتين، لا بدلات نقل ولا ساعات إضافية ولا مكافآت للأساتذة، ما يستتبع خفض البندين أ وب من الموازنة وبالتالي خفض القسط. وفي الحالة التي يقوم بها الأساتذة بالتعليم عن بعد يستحقون رواتبهم، أما في الحالة الثانية فهم لا يستحقون رواتبهم عن فترة التعطيل، إذا لم يجر تعويضها في ما بعد، باعتبار أن عقد التعليم هو من العقود المتبادلة، ومن الموجبات المتبادلة دفع صاحب العمل للراتب لقاء تأدية المعلم لعمله.ولا يوجد نص في قوانين التعليم ينص في أي من مواده على حالة إعلان الطوارئ وإقفال المؤسسة، وبالتالي يجب العودة إلى القواعد العامة في قانون الموجبات والعقود، لا سيما المادة 341 الت تنص على سقوط الموجب (القيام بالتعليم بالنسبة إلى المعلم ودفع الراتب بالنسبة إلى المدرسة)، أي أنّ المدارس تعفى من دفع الراتب جزئيا عن الأيام التي اقفلت فيها المؤسسة وطيلة حالة التعبئة العامة.
والأمر نفسه بالنسبة إلى الأهل، كما تقول حمية، بما أنّ عقد التعليم هو عقد متبادل والقسط هو مقابل التعليم. وإذا لم يتعلم التلميذ لا يستحق عليه الجزء من القسط الموازي لفترة التعطيل إذا لم تعوّض، وإذا تعلم، ينبغي على الأهل أن لا يتخلفوا عن دفع القسط.
منسق الشؤون التربوية في الاتحاد، نعمه نعمه، يلفت الى أنّ المادة الأولى من القانون 515 المتعلق بتنظيم الموازنة المدرسية تنص على أنّ الأهل يدفعون القسط مقابل خدمة التعليم، وبما أن المدرسة لم تقم بواجباتها تجاه الأهل وأبنائهم، فهذا يعطيهم الحق بعدم تسديد المتوجبات. وأي تغيير في نوعية التعليم وخدمته يستوجب قراراً وموافقة لجنة الأهل في المدرسة وموازنة جديدة، لكون العقد تغير. وإذا تأمن جانب من التعليم، فإن الأهل يمكن أن يدفعوا نفقاته، بما يرضيهم. ويسأل نعمه: «هل وافقت لجان الاهل على الموازنات التي رفعتها المدارس لوزارة التربية؟ وهل كانت هذه الموازنات فعلا تقشفية أم أنّ المبالغات بقيت في موازنات العام الماضي غير المقرّة أصلاً من لجان الأهل، وبالتالي اكتفت المدارس بعدم زيادة الأقساط فحسب؟».
في المقابل، تتمسك إدارات المدارس بالقوانين وأصول المحاسبة المتصلة بمواعيد دفع الفواتير ربطاً بالتزاماتها المادية. وتشير إلى أنها «لن تكون في كل الأحوال سيفاً على رقاب الأهالي». الأمين العام للمدارس الإنجيلية، نبيل القسطا، يبدو مقتنعاً بأن «ما يتلقاه تلامذتنا في ظل الظروف القاهرة أفضل الممكن، والمعلمون يبذلون جهوداً كبيرة، وبالتالي من المنطقي أن يدفع الأهالي الأقساط ليستمر المعلمون في تعليم أبنائهم»، علماً بأن الاتحاد «يصر على تمديد العام الدراسي وعدم إلغاء الشهادات الرسمية وتكييف الامتحانات وتعديل طريقة الأسئلة بحسب الظرف». فيما اعتبر المسؤول التربوي في مدارس المصطفى محمد سماحة «أننا نحتاج الى أن يخطو كل طرف منا خطوة نحو الآخر، فلا ذنب لأي منا في ما يحصل، وهناك فعلاً مدارس غير قادرة على الاستمرار من دون دفع الأقساط».
تنتظر الإدارات والمعلمون ما سيقوله وزير التربية طارق المجذوب في مؤتمر صحافي قريب يعلن فيه، كما وُعدوا، بداية انطلاقة التعليم عن بعد ويتطرق إلى المسائل الأخرى المتعلقة بالأقساط والرواتب. وعلمت «الأخبار» أن معلمين في عدد من المدارس امتنعوا عن التعليم عن بعد بسبب التأخير في دفع رواتبهم. فيما شدّد رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود على أن «الجهد في التعليم عن بعد مضاعف ومرهق للمعلم والتلميذ والأهل، وليس صحيحاً أننا لا نفعل شيئاً ولا نستحق رواتبنا كما بدأت بعض المدارس بالتلويح»، داعياً الأهل إلى دفع ما تيسر من القسط كي تنتظم العملية التعليمية.