استعاد الرئيس حسّان دياب، أمس، زمام المبادرة في حماية الحكومة، بسحبه بند التعيينات المالية من على جدول أعمال مجلس الوزراء، بعدما بادر داعمو الحكومة المفترضين إلى تهديدها من الداخل بصراع على الحصص بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، وبعد اعتراض مجموعة كبيرة من الوزراء على استمرار المحاصصة الحزبية والطائفية بأبشع صورها.وبعيداً عن الأسباب المتعدّدة التي دفعت دياب إلى اتخاذ هذا القرار في بداية جلسة أمس، أظهر بيان كتلة الوفاء للمقاومة النيابية موقفاً علنياً متشدّداً من قبل حزب الله في حماية الحكومة أوّلاً، وثانياً في رفض التعيينات التي كانت على وشك أن تمرّ في جلسة الحكومة.
فالأوضاع الحالية والاحتمالات المرتفعة لتطوّر أزمة وباء كورونا نحو الأسوأ، وخطر الانفجار الاجتماعي مع الانهيار الاقتصادي والمالي، تجعل هذه الحكومة بنظر حزب الله حاجة للبنانيين، ووجود سلطة وإدارة تنفيذية هو أمر أساسي لمنع انهيار البلد. وهذا المنطق، هو الذي حاجج به حزب الله حلفاءه، خلال اتصالاته معهم في الأيام الماضية لثنيهم عن مواقفهم المتشدّدة في تناتش المناصب، فـ«هذا النوع من المماحكات يبدو مضحكاً أمام الأهوال التي تحصل والمنتظرة»، كما تقول مصادر سياسية مطلعة على النقاشات لـ«الأخبار». إلّا أن دعوات حزب الله لحلفائه، والتي باءت بالفشل في ثني النائب جبران باسيل عن إسقاط لوائح الأسماء وثني النائب السابق سليمان فرنجية عن غياب وزيريه عن جلسة أمس، أثمرت من خلال نقاش ليلي متأخر مع دياب، إلى قرار سحب بند التعيينات والحفاظ على الحكومة وعدم تكرار سياسات الماضي، وخصوصاً في هذه المواقع.
«الوفاء للمقاومة» عن التعيينات: لاعتماد آليّة نوعية بعيداً عن المحاصصة المعتادة


وعلى ما تقول مصادر «وسطية»، فإن دياب الذي لم يكن معارضاً للتعيينات قبل أيام، مهّد قبل إعلانه في الحكومة أمس بند سحب التعيينات، بالقول عبر اتصالاته بالمعنيين، إن «الأسماء المقترحة لا تساعد على إجراء تغيير بالسياسات المالية والاقتصادية التي أوصلتنا إلى هذه الظروف، وبالتالي علينا تأجيل بتّ التعيينات حتى يتسنّى اختيار الأسماء ذات الكفاءة». وتضيف إن «هذه فرصة دياب حتى يطيح منطق المحاصصة، بعدما بات الأمر مداناً من الجميع، لكن هل نختار الموظفين أوّلاً، أم نختار السياسة المالية التي سنعتمدها؟».
ومما لا شكّ فيه أن دياب لمس المخاطر المرتفعة من جراء السير في التعيينات المركّبة، على الحكومة وعلى صورته التي اختير على أساسها، لا على أساس تمثيله السياسات القديمة وتحوّله إلى محاصص جديد. فضلاً عن اعتراض عدد من الوزراء على المبالغ الكبيرة التي سيتقاضاها المعيّنون، في الوقت الذي تحتاج فيه الخزينة إلى أقصى درجات التقشّف.
ودافع بيان كتلة الوفاء للمقاومة عن الحكومة، معتبراً أن «الإنصاف يقتضي الإقرار بأن الحكومة الراهنة، وضمن الصلاحيات التي يمنحها لها الدستور، ووسط تعقيدات النظام الطائفي، تتخذ أفضل الإجراءات الممكنة...»، مع الدعوة إلى «إنجاز خطتها للإنقاذ النقدي والمالي والاقتصادي وتضع في أعلى أولوياتها التدقيق المالي والمحاسبي للمصرف المركزي»، في إشارة واضحة إلى دور الحكومة في تعديل سياسات الحاكم رياض سلامة.
واعتبر البيان أن «ملء الشواغر في الإدارة هو حق دستوري للحكومة وواجب عليها لتسيير أمور المواطنين والدولة، ومن البدعة اعتباره افتئاتاً على حق من سبق في الحكم أو الحكومات بأي حال من الأحوال»، في انتقاد واضح لمحاولات الرئيس سعد الحريري الضغط لضمان حصة له.
وتابع إن «الحكومة اليوم أمام تحدّ صارخ يمسّ رؤيتها الإصلاحية، وعليها إزاء ملف التعيينات المالية المطروحة أن تجهد لاعتماد آلية نوعية من أجل اختيار أصحاب الكفاءة والخبرة والنزاهة، بعيداً عن المحاصصة المعتادة، وذلك لضمان رقابة دقيقة على أداء المؤسسات النقدية والمصرفية في البلاد».