لا يقارب أيٌّ من الخيارات المطروحة للنقاش في وزارة التربية اليوم بشأن مصير العام الدراسي والامتحانات البعد «البسيكولوجي» للتلميذ وحاجته للمساندة النفسية في أثناء الصدمة وما بعدها. التلامذة في كل المراحل التعليمية يعيشون، بحسب أستاذة علم الاجتماع المعالجة النفسية ميسون حمزة، وضعية القلق من كورونا، «بمن فيهم الصغار في صفوف الروضات الذين يقرأون الخوف في عيون أهاليهم ولديهم هواجس داخلية لا يعبّرون عنها. والأكثر قلقاً هم طلاب الشهادات الرسمية الذين باتوا في ذروة اللاستقرار النفسي، لقلقهم من كورونا ومن الاستحقاق الرسمي معاً».تجربة التعليم عن بُعد كشفت، وفق حمزة، أنّ «ليست لدينا ثقافة استخدام التكنولوجيا ولسنا جاهزين نفسياً لذلك، باعتبار أننا شعوب غير مهيّئة لفكّ روابطها العاطفية أو إقامة فصل عاطفي في علاقاتها الاجتماعية. يختبر التلميذ هنا الخوف من معيار التقييم ورقابة المدرّسة والأهل الذين يجلسون إلى جانبه ويتابعون كل ما يدرسه على الشاشة، ومن المحاسبة إذ يُطلب من المعلمين تقارير أسبوعية عمّا يقدمونه من كفايات. ما يحصل أننا في عين العاصفة ونعيش وهمَ القدرة فيما بلدان كثيرة متقدّمة علينا تكنولوجياً مثل بريطانيا وكندا وفرنسا أعلنت إنهاء العام الدراسي وألغت اختباراتها».
نعيش «وهم القدرة» فيما بلدان متقدّمة تكنولوجياً أعلنت إنهاء العام الدراسي


تشكّك حمزة في اجتياز هذه المرحلة بعواقب نفسية سليمة، لافتة إلى أن سيناريوهات الوزارة لمآلات العام الدراسي «لا يجب أن تُسقِط من الحسبان أننا بدأنا في الأساس عاماً متعثراً، وعندما عدنا من التعطيل بذلنا جهوداً كبيرة لإعادة دمج تلاميذنا في جوّ الدرس».
أكثر ما يحتاج له التلامذة والأهل والمعلمون، كما تقول الأستاذة في الجامعة اللبنانية ورئيسة مركز AID للتربية المختصة ريماز حرز، هو «فهم سمات هذه المرحلة وتقديم الدعم النفسي. فليس مطلوباً من الوزارة والمسؤولين التربويين الحفاظ على العام الدراسي فحسب، بل توجيه رسائل إيجابية تبعث على الأمل والتخفيف من الضغط. فمن التلامذة المراهقين من يعوّضون القلق بالأكل والتدخين ويعيشون اضطرابات في النوم تُفقدهم التركيز، وهناك صنف يتحدّى نفسه على قاعدة أنه سيدرس وينجح رغم كل الضغوط، ما قد يؤثر في ما بعد على جهازه العصبي». لذلك، «ثمة حاجة للتخفيف من رهاب الامتحانات، إذ ليس مفهوماً بالمبدأ لماذا الإصرار على البريفيه التي نطالب بإلغائها نهائياً، وإعادة النظر في إجراء امتحانات الثانوية العامة لهذا العام».
التربوية إيمان حنينة تشدّد على أهمية التحضير لـ«مرحلة ما بعد الصدمة» والتخفيف من عوارضها على الناشئة، وتقترح تزويد الطلاب ببرنامج غير منهجي مثل المطالعات الأدبية والعلمية والإبداع في المجالات التكنولوجية والفنية، لما في الفنون من دور في تفريغ الطاقة السلبية أو الشعور بالضغط النفسي لدى الصغار والمراهقين. كما أنها مناسبة لتعزيز مهارات الطبخ والخياطة وهي تدرَج ضمن المنهج الثانوي في دول عدة للذكور والإناث. «والمطلوب أن تتدخل وزارة الإعلام في توجيه المحطات التلفزيونية للاستعاضة عن المسلسلات التي تتضمن مشاهد من العنف والتفكّك الأسري ببرامج تحفز المواهب».