قرّرت الحكومة اللبنانية، الثلاثاء الماضي، استئناف رحلات «إجلاء» الدفعة الثانية من المغتربين الراغبين بالعودة إلى لبنان في 27 الجاري، على أن تضع اللجنة الوزارية المُكلّفة متابعة الملف، في الأيام المُقبلة، جداول الرحلات المُقبلة وتوفير فسحة زمنية لتتبع الحالات التي عادت عبر برنامج الترصّد الوبائي.على الأغلب، فإنّ الرحلات الجوية ستكون، مُجدّداً، من «نصيب» شركة طيران الشرق الأوسط التي حازت «حصرية» استقدام المُغتربين بأسعار مُضاعفة. فبحجّة الكلفة الناجمة عن ترك مقاعد «شاغرة» بين المُسافرين وفقاً لتوصيات التباعد التي تفرضها إجراءات الوقاية، فرضت «الشركة الوطنية» أسعاراً «تجارية» على اللبنانيين الهاربين من الوباء (كلفة الرحلة الجوية من بعض البلدان الأفريقية، على سبيل المثال، كانت تبلغ في ذروة الموسم السياحي 2500 دولار فيما تجاوزت خلال الأزمة 3900 دولار). أكثر من ذلك، تُفيد معلومات «الأخبار» بأنّ الـ«ميدل إيست» ذهبت بعيداً في «إدارة» ملف المغتربين إلى حدّ تدخّلها في الأسماء الواردة على اللوائح وفرضها لـ«محسوبين» عليها!
لذلك، تُطرح تساؤلاتٍ جدّية حول ما يحول دون «استدراج عروض» من شركات أخرى بتكاليف أقلّ مع الحرص على الالتزام بالمعايير الصحّية والطبية واللوجستية التي يفرضها الواقع الوبائي.
مصادر مُطّلعة أوضحت لـ«الأخبار» أن صاحب شركة Trans Air Congo أحمد الحاج عرض إجلاء اللبنانيين من الكونغو بـ«أسعار رمزية» (أقل من 500 دولار للبطاقة)، وتقدّم بطلب للسماح لطائرات الشركة بالهبوط في مطار رفيق الحريري، لكنّه لم يلقَ جواباً، قبل أن يتبيّن أن رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط «محمد الحوت وحاشيته خلف هذا التجاهل».
كذلك تفيد معطيات بأنّ عروضاً عدة تقدّم بها رجال أعمال في أفريقيا الوسطى تحديداً «تطوّعوا» لتغطية تكاليف العودة، «إلّا أن عراقيل غير مفهومة حالت دون ذلك»، وفق مصادر في الجالية اللبنانية هناك، أشارت إلى أن أحد رجال الأعمال تمكّن من الحصول على تصريح من السلطات الأفريقية يسمح لطائرة خاصة بالإقلاع، «لكن وزارة الخارجية اللبنانية رفضت بحجة أن هبوط الطائرات في مطار رفيق الحريري الدولي محصور بطائرات طيران الشرق الأوسط». علماً أن طائرات خاصة أخرى لا تزال تحطّ في المطار بموافقة من رئاسة الحكومة!
وحتى الثلاثاء الماضي، لم يكن خيار اللجوء إلى شركات أخرى قد نوقش بعد بحسب ما أبلغ وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجّار «الأخبار»، موضّحاً أن السبب الرئيسي وراء اعتماد شركات طيران الشرق الأوسط يعود إلى أن فريقاً طبياً لبنانياً يجري نقله من لبنان لمواكبة عملية الإجلاء، «لأنّ عامل الأمان الصحي هو الأساس الذي يحكم عملية الإجلاء». ولكن، لماذا لا يُسمح لشركات أخرى بنقل الطاقم اللبناني؟ أجاب أن «كلفة المجيء بالطائرات الشاغرة لإقلال الطاقم اللبناني ومن ثم الإقلاع لإجلاء اللبنانيين ستكون أيضاً مرتفعة وهي ستوازي حكماً كلفة طيران الشرق الأوسط»، واعداً بطرح الموضوع على اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة عودة المغتربين.
ذهبت الشركة بعيداً في إدارة الملف إلى حدّ التدخّل في الأسماء


مصادر مُطّلعة تردّ على حجة «الأمان الصحي» بأن جمعيات أهلية عدة في بلاد الاغتراب تطوعت بدفع تكاليف فحوصات الـpcr للمسافرين الراغبين بالعودة قبل صعودهم إلى الطائرة على أن يتم إجلاء غير المُصابين منهم فقط، «وهو أمر من شأنه أن يتيح إجلاء عدد أكبر من غير المُصابين بكلفة صحية ومادية»، لافتةً إلى إمكانية تعميم هذه التجربة.
واللافت أن الجالية اللبنانية في أفريقيا الوسطى، بعدما تبلّغت من السلطات اللبنانية عدم إمكانية هبوط طائرة خاصة في لبنان، طلبت إرسال طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط لتقلّهم، «إلا أن جداول رحلات الشركة لم تلحظ وقتها بانغي (عاصمة أفريقيا الوسطى). وهذا إنّ دلّ على شيء، فعلى إرساء مبدأ «ميدل إيست أو لا أحد»!