إلى مبنى وزارة الاقتصاد، في وسط بيروت، عادت مجموعات من الناشطين للتحرّك، أمس، بعد هدوء الشارع لأسابيع ونزع القوى الأمنيّة خيم المعتصمين من الساحات. بالرغم من قرار التعبئة العامة بسبب فيروس كورونا، دخل عدد من الناشطين إلى مكاتب مديرية حماية المستهلك في الوزارة، للاحتجاج على غلاء أسعار السلع والمواد الغذائيّة ومطالبة الوزارة بالقيام بدورها لحماية الفقراء، مصرّين على لقاء وزير الاقتصاد راوول نعمة في مكتبه، فيما تجمّع عدد آخر أمام المبنى.بعد طول انتظار، حضر الوزير لمقابلة المحتجّين، وتحدث المحامي واصف الحركة باسمهم، متوجّهاً إلى نعمة بالقول إن «دور وزارة الاقتصاد يتجاوز تسطير محاضر الضبط، إلى إمكانية توقيف المتلاعبين بالأسعار، سنداً إلى المادتين 685 و686 من قانون العقوبات (مضاعفة العقوبة في حال طاول التلاعب أسعار المواد الغذائية الأساسية)، والمرسوم 73/83، وقانون حماية المستهلك الرقم 659/2005»، معتبراً أنها أعطت «لمن يحرّك الحق العام أو الوزير ومصلحة حماية المستهلك كامل الحق في مراقبة غلاء الأسعار وجودة السلع وإقفال المؤسسات المخالفة في حال التكرار وتوقيف الأفراد وسوقهم مخفورين عبر الضابطة العدلية المرافقة للمفتّشين في حال قيام الوزارة بالتنسيق مع كلّ من النيابة العامة التمييزية ووزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى». إلا أن الوزير ردّ بـ«عدم وجود صناعة كافية واستيراد 80% من السلع، وأن سعر الدولار لامس 3150 ليرة لبنانية، ولا يمكن لدول كبرى تثبيته، معتبراً أن السلة الغذائية لم يرتفع سعرها بنفس ارتفاع الدولار وأن نسبة ارتفاعها بلغت 55% قبل قفزة الدولار الأخيرة، وقد تلامس الـ 60%، وفق أرقام مصلحة حماية المستهلك»! واعتبر «أنه في حال لامس ارتفاعها نسبة ارتفاع الدولار نفسها، حينها نتحدّث عن احتكار!». الوزير تذرّع بالحجّة المعروفة لناحية «توقّف دور الوزارة عند تسطير محاضر الضبط وإبلاغ القضاء»، رافضاً نقاش النص القانوني «بدنا نشوف المحامين. أنا لست رجل قانون». وأردف بمثال عن تأخّر القضاء عن القيام بدوره قائلاً «علمت من صاحب سوبرماركت أنه تبلّغ أخيراً بضبط سُطِّر بحقّه قبل أربع سنوات».
حلّ وزير الاقتصاد جاء على الشكل الآتي: «أخبَروني أن كرتونة البيض أصبحت بـ 11 ألف ليرة، وهذا احتكار أكيد!»، وتوجّه إلى الناشطين بالقول: «هنا يأتي دوركم، أنتم الثوار، اطلبوا من اللبنانيين أن يتوقّفوا عن شراء البيض ولحوم الدجاج لأيام ثلاثة، فيرتدع المحتكرون، وشوفوا شو بيصير!». من جانبه، أعلن الحركة إصرار الناشطين على المواجهة «من خلال المشروعية الشعبية»، ممهلاً مدة أسبوع لضبط الأسعار قبل التصعيد والاتجاه إلى الادّعاءات. لكن الوزير كان مهتماً بعدم مواصلة الحركة الكلام على قاعدة «طلِعلَك تلفزيون ببلاش» (قاصداً النقل المباشر). نعمة أشار إلى أن نسبة محاضر الضبط خلال جولات الوزارة «تبلغ 11% أي أن 89% من المحال غير مخالفة».
نعمة: قالوا لي إن كيلو البصل بخمسة آلاف ليرة، وعندما زرت المحال التجارية وجدته بـ 2450 ليرة!


من زاوية إيجاده الحلول، قال نعمة للسكان إن «عليهم تفادي الدكنجي الغلوجي والذهاب إلى الأرخص، على طريقة ما تعلّمته في صغري»، طارحاً مثالاً آخر عن الأسعار المعقولة: «قالوا لي إن كيلو البصل بخمسة آلاف ليرة، وقمت بزيارة المحال في اليوم التالي ووجدت أنه بـ 2450 ليرة». ورفض الوزير طرح الناشطين لدعم السلة الغذائيّة على اعتبار أن «لا أموال في الدولة، وليس كلّ اللبنانيين بحاجة إلى دعم سلّتهم»، متمسّكاً بأن المساعدات التي أقرتها الحكومة بقيمة 400 ألف ليرة «هي الأنسب». هنا سألته الناشطة كارين هلال: «جرّبت تنزل على السوبرماركت بهالمبلغ؟ اقتربوا من معاناة الناس، أنتم فئة الـ 1%!». أقرّ نعمة بأن قانون حماية المستهلك «يحتاج إلى تغيير»، كاشفاً «أن ثمة مشروع قانون قيد المراجعة للذهاب به إلى مجلس الوزراء وإقراره وإحالته إلى مجلس النواب، وقد وعدنا رئيسه (نبيه بري) بتمريره سريعاً، ويؤدي إلى إقرار الضبط من قبل مراقبي الوزارة بسرعة ويبقى من حقّ المراجعة لدى القضاء»، وأنه طلب من القوى الأمنية والجيش منحه عناصر متقاعدين للتطوع لمساندة الوزارة.