ليس معروفاً ما إذا كانت الجامعات الخاصة ستعود إلى التدريس في الصفوف ابتداءً من 25 أيار، بناءً على قرار مجلس الوزراء، إذ لم يتبلّغ الطلاب أيّ تدبير في هذا الشأن. إلا أن هؤلاء يستبقون أي محاولة للإدارات لدولرة الأقساط، بعد التسريب بأنّ سعر الصرف الرسمي لليرة للبنانية مقابل الدولار الأميركي سيصل إلى 2607 ليرات في 2021، ما يمكن أن يترجم بزيادة 72% على الأقساط في الخريف المقبل، والتالي جعل التعليم الجامعي امتيازاً حصرياً للطبقة العليا في المجتمع.وبمبادرة من شبكة مدى الشبابية والنوادي العلمانية في الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة القديس يوسف وجامعة سيدة اللويزة، أطلقت أخيراً حملة «طلاب مش زبائن: التعليم مش سلعة»، فأعدّت فيديو وعريضة وقّعتها 46 مجموعة طلابية تشرح بعض التطورات على صعيد القسط في الجامعات في زمن كورونا والأزمة المالية والاقتصادية.
الحملة طالبت بفرض العقد الطلابي على كل إدارات الجامعات والذي يتضمن تجميد كل الأقساط خلال فترة دراسة الطلاب في الجامعة، مع تدخل وزارة التربية على صعيد كل جامعة على حدة لتحويل عملة القسط من الدولار إلى الليرة وتثبيتها على سعر الصرف الرسمي الحالي (1515 ليرة)، وإبطال أي دولرة للأقساط.
وأوضح عضو شبكة مدى كريم صفي الدين لـ«الأخبار» أنّ مشروع الجامعات بتقاضي الأقساط وفق سعر الصرف الرسمي من الأهالي الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية سوف يتغير مع تغير سعر الصرف، ما يعني إعادة توزيع الخسائر بين الطلاب وإدارات الجامعة، والنقاش يدور حول من يتحمل الخسارة أكثر.
وركزت الحملة على أن التعليم عن بعد هو أقل كلفة من التعليم المباشر في الصفوف بسبب غياب التكاليف المتعلقة بالصيانة والمياه والعمل اليومي والتنظيف والتكنولوجيا. كما أنّ العديد من الجامعات؛ منها الجامعة الأميركية خفضت المعاشات والأجور عبر الطرد التعسفي لعدد ملحوظ من المياومين من دون أي تعويضات. كلك تم طرد الطلاب المقيمين في حرم الجامعات من السكن الجامعي. كما يجب الأخذ في الاعتبار أن نسبة كبيرة من الأقساط صرفت في سياق تعليم تفاعلي ضمن إطار الصفوف ما قبل الأزمة. ثم إن التعليم عن بعد لم يكن، بحسب الطلاب، عادلاً في ظل أزمة مالية وانهيار اقتصادي يلوح في أفق العائلات اللبنانية.
وخلال الفصل الحالي من ربيع 2020، طالب العديد من الطلاب باسترداد جزء من أقساطهم لعدم قدرتهم على استعمال المنشآت الجامعية، ولأن جودة ونوعية التعليم انخفضت بعد التغيير المفاجئ إلى نظام التعليم عن بعد. أما رد الإدارات، وفق الحملة، فكان غير مقبول، إذ إنه يسخف من مطالب الطلاب ويعاملهم كزبائن يمكن استبدالهم بآخرين. وتحدث الطلاب عن أمثلة كثيرة من جامعات في العالم قامت بإجراءات تتعلق بخفض أو تجميد الأقساط في سياق الأزمة الصحية العالمية (ومنها تعديل سعر الكريدت أو خفض كلفة تقنية).
وعلى عكس ذلك، رأت الحملة أنّ الجامعات الخاصة في لبنان فشلت في التعاطي مع واقع الطلاب الاجتماعي في البلد وتداعياته على نوعية التعليم عن بعد. فنسبة كبيرة من الطلاب لا يتمتعون بشبكة إنترنت سريعة ومستقرة، إضافة الى اعتمادهم سابقاً على أدوات تقنية موجودة في حرم الجامعة وغير متوافرة في المنازل. وقال الطلاب إنّ تعامل إدارات الجامعات مع هذه المشاكل لا يرضي الحد الأدنى من الحس الإنساني والمهني مع نقل موارد الجامعة الى استخدامات مراقبة مشبوهة ليست معنية بتوسيع فرص التعليم. الحملة طلبت التفاوض على تعويض ما لجميع الطلاب الذين لم يتمكنوا من الوصول الى بعض الخدمات الموجودة في حرم الجامعة، وخصوصاً التعليم وجهاً لوجه.
دعوة لتمكين الجامعة اللبنانية من أجل حل عادل لجميع الطلاب


اللافت أن يثار ملف الطلاب اللبنانيين في الخارج باعتبار أن القضية واحدة، إذ إنّ هؤلاء هربوا من غلاء الأقساط في لبنان، واليوم يواجهون أزمة كبيرة مع هبوط قيمة الليرة بشكل غير مسبوق لتصل إلى حدود الـ 4000 ليرة/ دولار، واضطرارهم إلى تحويل أموالهم على سعر الصرف الحالي الذي زاد بنسبة 165% عما كانوا قد خططوا له. أما من يملكون المال فلا يستطيعون تحويله إلى أبنائهم بسبب قرارات المصارف. الطلاب دعوا إلى معاملة دقيقة لكل حالة من حالات الطلاب المغتربين ومساعدة عائلاتهم في إرسال الأموال بالعملات الأجنبية وعلى سعر الصرف 1515 ليرة الى أولادهم المقيمين في الخارج.
ورفضت الحملة أي نظام تعليمي يستغل الأزمات الاقتصادية ويحوّل التعليم إلى خدمة أصحاب الامتيازات المادية. فهذا النظام يسلب من الشباب، كما قالت، حقهم في التعليم، سواء خارج البلد وداخله وخصوصاً حين تكون ميزانية الجامعة اللبنانية تحت خطر التجاذبات السياسية ولا تستطيع استيعاب الطلاب الذين سينتقلون إليها من الجامعات الخاصة. وهنا كانت دعوة لدعم الجامعة الوطنية لأنّ تمكينها هو الحل الأساسي والعادل لكل طلاب لبنان في سياق الأزمات المتعاقبة.