ردّاً على ما نشرته «الأخبار» بعنوان «مستشفيات تنهب المال العام...» (9 أيار 2020)، نلفت الى أن التدقيق الذي يتم حالياً في وزارة الصحة هو على عيّنة صغيرة من الفواتير يتم اختيارها عشوائيا بدلاً من التدقيق في كل فاتورة، ومن يدقّق لا يوجد لديه الملف الطبي، ولا هو من عاين المريض، ولا على اتصال مع الطبيب المعالج، فكيف له أن يقرّر إذا كانت الفحوصات المخبرية والشعاعية التي أجريت ضرورية أم لا؟ وكيف له أن يعرف إذا كان الرمز للعمل الطبي الذي أجراه الطبيب صحيحا أم لا؟ وكيف له أن يقرر إذا كان يجب إلغاء الفحوصات أو تغيير الرمز؟ونذكّر بأن التدقيق في فواتير المستشفيات كان لغاية تسلم وزير الصحة السابق الدكتور جميل جبق يتم عن طريق شركات خاصة TPA بتكليف من الوزارة، ثم أصدر الوزير جبق قراراً بإلغائها، فأصبحت متعذّرة معرفة حقيقة دخول كل مريض الى المستشفى، ونوعية التحاليل والعمليات التي أخضع لها، والى ما هنالك من بيانات يتضمنها ملفه. وأصبحت وحدة التدقيق في الوزارة المتمثلة بعدد غير واف من الأطباء المراقبين عاجزة عن إجراء التدقيق العلمي والسليم في معاملات الدخول والخروج من المستشفيات بعد توقيعها. والمستشفيات تعاني من حسومات عشوائية مجحفة تطبق على فواتيرها من قبل وزارة الصحة العامة.
لذلك، ندعو إلى إعادة تكليف شركات متخصصة للتدقيق، علماً أن التعرفات الاستشفائية المعمول بها حالياً اعتمدت وفق دراسة أجرتها وزارة الصحة مع البنك الدولي منذ 20 سنة، وقد طالبنا على مدى سنوات بتعديلها لأنها لم تعد تنسجم مع التكلفة الحقيقية. فعلى سبيل المثال، لا تتعدى تعرفة الإقامة في المستشفى الـ20 دولاراً في اليوم، وهي تشمل العناية التمريضية، الكهرباء، التدفئة والتبريد، استعمال أدوات التعقيم ووسائل الحماية والوقاية، كما أن ارتفاع سعر الدولار ضاعف من أسعار المواد الطبية وغير الطبية التي تستعملها المستشفيات ليكون الضربة القاضية (...).
ومع الافتراض أن ثمة تجاوزات يقوم بها بعض المستشفيات، فلماذا لا يتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقها من دون المساس بسمعة قطاع عريق يصارع للبقاء في موقعه، موظّفاً الاستثمارات لخدمة المرضى، ولتأمين فرص العمل لزهاء 25 الف فرد، فضلاً عن أهميته التي اكتسبها عن جدارة في الاقتصاد الوطني، بمبادرات فردية شجاعة، بعيداً عن أي حوافز من المفترض توفيرها له.
نقابة أصحاب المُستشفيات الخاصة في لبنان


رد المحرر:
تُركّز النقابة في معرض ردّها على عدم أهلية الأطباء المراقبين لإجراء التدقيق العلمي والسليم، فيما تُشير إلى أن الذي يُدقّق (المقصود هنا الموظفون في وحدة التدقيق) «لا يوجد لديه الملف الطبي ولا هو من عاين المريض»، مُشكّكة في أهلية الموظف لتحديد طبيعة التجاوز الطبي الحاصل. وقد غاب عن النقابة أن وحدة التدقيق في الوزارة تواصلت مع عدد من المرضى «القلة» الذين ثبتت صحة أرقام هواتفهم المسجلة في الملفات الصحية المقدمة من بعض المستشفيات، واستحصلت على إجابات أبرزت تناقضاً واضحاً بين المزعوم في الملف وأقوال المرضى.
كذلك، تتساءل النقابة «كيف له (العامل في التدقيق) أن يقرّر إذا كانت الفحوصات المخبرية والشعاعية التي أجريت ضرورية أم لا»، لكنها لا تجيب عن سؤال أساسي: كيف يمكن أن يخلو ملف مريض من تقارير نتائج الصور والفحوصات.
إلى ذلك، كان لافتاً أن تستذكر النقابة «مظلوميتها» في الحسومات التي تجريها وزارة الصحة على فواتيرها، في وقت تطالب فيه بتوضيح امتهان بعض المستشفيات عمليات النهب والهدر للمال العام. وهي لم تناقش اكتشاف وحدة التدقيق «اختفاء» ملفات لمرضى محسوبين على وزارة الصحة ولا التجاوزات التي رصدتها الوزارة على صعيد استفادة بعضها من فاتورة شركات التأمين والوزارة في الوقت نفسه، وآثرت استعراض «الغبن» اللاحق بها من جرّاء ارتفاع سعر الدولار مشيرة الى التسعيرة «البخسة» لتعرفة الاستشفاء منذ عقدين (علماً بأنه ليس خافياً على أحد عدم التزام المُستشفيات بتعرفة موحدة أصلاً).
وتبقى المفارقة الكبرى في قول النقابة أنها تفترض إن هناك تجاوزات متسائلة «لماذا لا يتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقها من دون المساس بسمعة قطاع عريق يصارع للبقاء في موقعه (...) ويوظف زهاء 25 ألف فرد (...)». بمعنى آخر، تقول المُستشفيات إنها قد تكون مخطئة، ولكن علينا أن نعالج تجاوزتها بـ«سلاسة» أكبر، لأنها «وليّة نعمة» نحو 25 ألف فرد!