في الجولة الأخيرة للمفاوضات بين الوفد اللبناني وممثلي صندوق النقد الدولي، قدّم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كما بات معلوماً، عرضاً عاماً عن آليات التعامل مع الأزمة والتعاميم التي أصدرها من دون أن يقدّم اي فكرة واضحة عن أهدافه وسياسته النقدية. بدا كأنه يماطل في الحديث ويدور حول خطوات تخفي تخبّطاً واضحاً لا يتعلق بالتمايز الذي يحاول أن يفرضه عن خطّة الحكومة. وأضاف إلى ذلك تخبّطاً في أصل عمله كمصرف مركزي وظيفته الحفاظ على سلامة النقد والاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي. وعندما لمّح سلامة إلى هذا التمايز، أجاب ممثلو صندوق النقد بأن لديهم تصوّراً واضحاً عن الخسائر اللاحقة بالنظام المصرفي في لبنان، إلا أنهم سألوا سلامة إذا كان لديه تصوّر واضح عن كيفية التعامل مع هذه الخسائر والآليات المتبعة. وأكثر تحديداً طلب ممثلو الصندوق أن يعلموا انعكاسات الخسائر على كل مصرف على حدة لمعرفة أيّ المصارف قابلة للحياة، وأيّها غير قابل للحياة.إجابة سلامة تركت انطباعاً بأنه يماطل، إذ أشار إلى أنه سيعمل على تحضير هذه المعطيات! وكأن مصرف لبنان المسؤول عن سلامة القطاع المصرفي وعن سلامة النقد اللبناني ليس لديه تصوّر تفصيلي عن حجم الخسائر وآليات التعامل معها.
المسؤول عن سلامة القطاع المصرفي ليس لديه تصوّر تفصيلي عن حجم الخسائر!

فهل جاء سلامة إلى الاجتماع لـ«تسميع» درس التعاميم التي أصدرها خلال الأشهر الماضية؟ لماذا لم يقل رأيه بمسألة تحرير سعر صرف الليرة؟ ثمة الكثير من الإشارات التي تشير إلى أن سلامة يتظاهر بأنه متعاون، لكنه لا يقدّم شيئاً، بل هو غير متعاون مع فريق الحكومة، وليس لديه استراتيجية تفاوض مع صندوق النقد الدولي. فاستراتيجية التفاوض قد تكون مسألة بديهية بالنسبة إلى شخص في موقع حاكم مصرف لبنان ويمثّل لبنان لدى صندوق النقد الدولي. وهذه الاستراتيجية ليست استراتيجية تقنية، إذ لا يمكن إغراق صندوق النقد بمسائل ذات طابع تقني، بينما المسألة تتعلق ببنية النموذج الاقتصادي والمالي، وهو نموذج سياسي أيضاً.