أنذرت البطريركيّة المارونية، أخيراً، عدداً من العائلات بإخلاء البيوت التي يستأجرونها من البطريركية في بكركي وغادير. الإنذارات أُبلغت للعائلات فرادى، وبالمواجهة، في الصرح البطريركي، إضافة إلى إنذارٍ مكتوب حمل بنوداً جزائيّة، منها «إلزاميّة الإخلاء خلال عام»، وإلاّ دفع غرامات بعضها ناهز مئة ألف دولار، «بالدولار وبحسب سعر صرف المعمول به وقت الدفع».«الأخبار» حاولت الوقوف على رأي المعنيين في البطريركية. النائب البطريركي العام المطران بولس الصياح ومسؤول البروتوكول والإعلام في الصرح البطريركي وليد غياض أكدا أن الملف في عهدة راعي أبرشية جونية المطران أنطوان عنداري، لأن الأراضي وفق الترتيب الأبرشي، تابعة للأبرشية البطريركيّة المارونية – نيابة جونية، أي للمطران عنداري الذي لم يجب على اتصالات «الأخبار» المتكررة.
إنذارات بكركي لم تخلُ من لغة التهديد، وقد أُجبر عدد من المستأجرين على توقيعها تحت الضغط، ومن دون حجّة قانونيّة ولا نسخ تكفل لهم مراجعة النص المكتوب، فيما امتنع بعضهم عن التوقيع. البيوت التي تريد البطريركيّة إخلاءها تقع في أراضيها وقد أجّرتها لعائلات مارونيّة منذ أكثر من أربعة عقود. غير أن الزمن تغيّر، وتغيّرت معه أولويّات البطريركيّة، إذ إن جولة ميدانيّة بيّنت أن البطريركيّة باشرت أعمال إصلاح في الأراضي، منها بناء جدران حجر واقتلاع أشجار زيتون ولوز وسنديان، في مقابل تمديد شبكة لمياه الريّ والمباشرة بزراعة الأفوكادو، ما يطرح السؤال حيال أولويّة زراعة هذه الفاكهة في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة وغلاء المعيشة، على حساب إيواء عائلات مارونية وتوفير الأمن الغذائي لها.
غالبية العائلات التي يستهدفها القرار لا تملك مأوى آخر


وفق مصادر «الأخبار»، فإن «الإيجارات قديمة وزراعيّة، وإذا كانت البطريركيّة تريد الضغط لفسخ عقود الإيجار على الأراضي الزراعية بعد انقضاء المدّة القصوى التي يحدّدها القانون بأربعين سنة على الأكثر (قانون الموجبات والعقود)، فإن المثير للاستهجان هو منع الجهة المؤجّرة المستأجرين من الزراعة، فيما يُطرح السؤال حيال عدم اهتمام البطريركية باستيفاء «الكسور»، أي الإيجارات غير المدفوعة (وهي مبالغ سنويّة وفق قانون الإيجارات القديم)، ولا بتجديد العقود وفق شروط جديدة... بل كانت الإنذارات «بوجوب الإخلاء وحسب».
كما تشير المصادر إلى أن «معظم العائلات التي يستهدفها القرار لا يملك مأوى آخر، وعدد من أفرادها خسروا وظائفهم أو رواتبهم في ظل الأزمة، ومدّة السنة الممنوحة للإخلاء غير كافية في هذا الظرف الحسّاس. كما أن بعض المستأجرين أُلزم بالتوقيع على عقود عمل لصالح الصرح من دون مدّة محدّدة، تحت بند جزائي بالإخلاء الفوري من مسكنه». هذه الترتيبات الجديدة، تضعها المصادر برسم الكنيسة المارونيّة، «التي منحت بيوتاً فخمة لمقرّبين من الصرح والعهد البطريركي، فيما بعض الملزمين بالإخلاء قد يكونون من العاملين في الصرح في العهد البطريركي السابق... بينما لا يبدو البطريرك الماروني بشارة الراعي على صلة مباشرة بالملف»!