21.5% من الإناث البالغات في لبنان و48.6% من الذكور البالغين يدخّنون السجائر، مقابل 46.2% من الإناث البالغات و32.7% من الذكور البالغين يدخّنون النرجيلة. هذه الأرقام الحديثة هي «نتائج توصّلت إليها دراسة وطنيّة ممثّلة في الجامعة الأميركية في بيروت، وهي دراسة قيد المراجعة وغير منشورة، شملت عيّنة من مختلف المناطق والشرائح الاجتماعية وبعوامل مختلفة مثل درجة التعليم والعمل وسواها»، كما تشير لـ«الأخبار» الاختصاصيّة في السياسات الصحيّة والمناصرة في مركز ترشيد السياسات في الجامعة الأميركية رنا صالح.أمّا انتشار التدخين في صفوف القاصرين فيُنذر بالأسوأ. إذ تشير الإحصاءات إلى أن 32.9% من الإناث و40.9% من الذكور، الذين تراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة، هم مدخّنون حاليون (بمعدّل أكثر من 36% من إجمالي القاصرين)، وفقاً لآخر إصدار من «المسح العالمي لصحة الطلاب في المدارس» (GHSH لعام 2017). وهو مسح يتم كلّ 5 سنوات في لبنان، بالاشتراك بين منظمة الصحة العالميّة ووزارة التربية، ويشمل مدارس خاصة ورسميّة... وعليه، فإن التوقّعات إلى حين صدور المسح الجديد خلال عامين أو ثلاثة تتخوّف من الأسوأ. «هذه الأرقام الخطيرة، تحتّم ضرورة العودة إلى إجراءات منع التدخين تفادياً لارتفاعها، خصوصاً أن ثلثي المستطلَعين من غير البالغين في المسح صرّحوا بأنهم بدأوا التدخين قبل سن الـ 14»، بحسب صالح.
يُباع في لبنان مليونان و200 ألف علبة سجائر في اليوم


يحتلّ لبنان المرتبة الأولى من حيث نِسب تدخين الشباب للنرجيلة، من أصل 68 دولة حول العالم، وفق دراسة سابقة تعتمد المراجعة المنهجيّة للجامعة الأميركية قارنت أرقام لبنان ببقية الدول. غير أن دخول أنواع جديدة من أشكال التبغ إلى استهلاك القاصرين للتدخين، حتّم تضمين إحصاء نسب استخدام المدواخ (غليون عربي يُخلط فيه التبغ مع الأعشاب والتوابل) في المسح المذكور الخاص بالطلاب. وتبيّن أن 2.7% من الإناث و6.7% من الذكور، بين الـ 12 و18 سنة، هم مستخدِمون حاليّون للمدواخ في لبنان! هذه الأرقام تعود إلى ثلاث سنوات، علماً أن إدارة حصر التبغ والتنباك لم تمنح إلى حينه ترخيصاً لطرح هذا النوع في السوق. ووفقاً لصالح، فإنّ «هذه النسب خطيرة لأن من يبدأ بعمر صغير بهذه الكميّة من استهلاك النيكوتين (كمية كبيرة دفعة واحدة في المدواخ)، سينتقل إلى أشكال ثانية لاحقاً... هذه الأرقام تنذر بإمكانية ازدياد أعداد المدخنين، وتحتم على جميع الجهات بما فيها الأهل والمدارس التشدّد في الرقابة، وعلى المطاعم والمقاهي التشدّد في عدم تقديم النرجيلة لغير البالغين».

لبنان في المراتب الأولى
يباع في لبنان مليونان و200 ألف علبة سجائر في اليوم. «هذا الرقم كان يسجّل قبل أزمة كورونا»، بحسب مدير البرنامج الوطني للحدّ من التدخين في وزارة الصحة فادي سنان. علماً أنه احتلّ المرتبة الثالثة في العالم من حيث استهلاك السجائر التي يدخّنها الفرد في اليوم. ويسبّب التدخين 4800 وفاة سنويّة في لبنان، وهو رقم ارتفع من 3000 عام 2008. وتكبّد الأمراض المرتبطة بالتدخين الدولة نحو 327 مليون دولار سنوياً، وذلك وفقاً لمستند «حث الحكومة اللبنانية على مكافحة التبغ خصوصاً في زمن الكورونا»، الصادر عن مركز ترشيد السياسات في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية.

وزارة الصحة: مع المنع ولكن...
«نحن في البرنامج مع الاستمرار بمنع النرجيلة في الأماكن العامة، ومع تطبيق القانون 174، لا سيّما أن خطر النرجيلة كبير في انتشار كورونا... لكن القرار تتخذه الحكومة، ولم يتم التنسيق معنا في السماح بإعادة تقديم النراجيل وفق قرارات تخفيف إجراءات التعبئة»، كما يصرّح سنان، مشيراً إلى أن الكتاب المفتوح الذي وجّهته النقابات والجامعات الأسبوع الماضي «لم يصلنا وهو في عهدة الوزارات التي تتخذ قرار المنع».
لكن أين دور الوزارة والبرنامج؟ «نعمل على العودة إلى تطبيق القانون 174 بشكل كامل بعد الانتهاء من كورونا، والتشدد في منع ترويج التبغ، وفي مرحلة لاحقة إلغاء عرض علب السجائر فوق الصناديق من المحال التجارية»، هذه الوعود التي تقف بوجهها أقليّة مالكي المطاعم والمقاهي، يقابلها توقّع «تناقص أعداد المدخّنين مع ارتفاع أسعار التبغ والدولار»، كما يقول سنان.
أسباب ارتفاع نسب التدخين في لبنان، تربطها مديرة مجموعة البحث للحد من التدخين في الجامعة الأميركية الدكتورة ريما نقاش بـ«عدم تقدّم لبنان في سياسات منع التدخين، فلو استمررنا في تطبيق القانون 174 منذ عام 2012، لكان انعكس الأمر انخفاضاً في أعداد المدخّنين الشباب حالياً، إذ إن توفّر بيئة سليمة وأماكن عامة لا تدخين فيها يساعد في خفض نسب المدخنين وتالياً الأمراض، كما يمنع الشباب من بدء التدخين، وفق ما بينّت استمارات ودراسات سألت الشباب عن أسباب لجوئهم للتدخين». وتضيف إن «مصلحة نقابة أصحاب المقاهي والمطاعم مقابل العدد الكبير من النقابات والجامعات الموقّعة على كتاب الاستمرار بمنع النرجيلة تبيّن عدم المساواة في مراعاة مصلحة أحد الطرفين. إلى تقديم المصالح المادية والخاصة على المصلحة الصحيّة العامة، وضعف إرادة التطبيق لدى الحكومات... في مقابل اعتقادات خاطئة علمياً مثل فصل المدخنين عن غير المدخنين في المطاعم، أو الاعتقاد الخاطئ بأن عودة الأراكيل تحرّك عجلة الاقتصاد في حين أنها تساهم في ارتفاع عدوى كورونا وتالياً إعادة إقفال البلد!».