لم يرس العدّاد بعد على رقم ثابت لجرحى انفجار مرفأ بيروت. وفيما يشير آخر تقديرات وزير الصحة حمد حسن إلى وصول العدد الى نحو خمسة آلاف، إلّا أن المؤكّد، وفق مصادر في الوزارة، أن نحو 700 من هؤلاء حالتهم «صعبة»، وتستدعي «إقامة طويلة» في المُستشفيات، وأن هناك نحو 120 شخصاً حالتهم «حرجة للغاية».صحيحٌ أنّ «تموضع» الجرحى في المُستشفيات يشي بـ«استيعاب» الضربة التي تلقّاها القطاع الصحي المترنّح أصلاً، لكنّ الواقع الضاغط يفرض استكمال الإجراءات الاستثنائية واستتباعها بإدارة حكيمة لمواجهة واحدة من أكبر الأزمات الصحية التي تشهدها البلاد منذ سنوات طويلة.
حتى مساء أمس، كانت ثمة أربعة مُستشفيات ميدانية يجري تجهيزها: المُستشفى الإيراني الذي تم تركيبه في باحة الجامعة اللبنانية في الحدث وهو «سيتمكّن من استقبال الجرحى والمُصابين في أقل من عشرة أيام» بحسب رئيس الوفد الإيراني حسين عارفي؛ المُستشفى الروسي في المدينة الرياضية الذي «بات جاهزاً لاستقبال المرضى والجرحى» وفق ما صرّح به وزير الصحة؛ المُستشفى القطري في الكرنتينا وهو متخصص بطب الأطفال؛ والمُستشفى الميداني المصري الموجود في حرج بيروت منذ عدوان تموز.
هذه المُستشفيات من شأنها، وفق وزارة الصحة، أن تعوّض غياب المُستشفيات التي «خرجت من الخدمة» (الروم والوردية والكرنتينا)، في ظلّ الضغط الذي خلّفه الانفجار على المُستشفيات (الجرحى الذين ستطول إقامتهم في المُستشفيات وتستدعي حالاتهم المزيد من الأدوية والعلاجات وغيرها)، والأهم في ظلّ أزمة وباء كورونا التي لا تزال تتفاقم.
مصادر الوزارة أكدت أن التعويل أيضاً على هذه المُستشفيات لاستيعاب مصابي كورونا الذين ستتفاقم أعدادهم حُكماً في الأيام المُقبلة، وهو ما أكده حسن بالاشارة الى أنه «سيكون هناك مُستشفيان أو ثلاثة مخصصة لمُصابي الفيروس»، متخوّفاً من أن «يكون إسعاف الجرحى قد أثّر على عدد الإصابات».
تعاني المُستشفيات من نقص كبير في معدّات «بديهية» كالضمادات والشاش والخيطان


وكانت وزارة الصحة أعلنت، مساء، تسجيل 255 إصابة جديدة (4 وافدين و251 مُقيماً)، ليرتفع عدد المُصابين الفعليين إلى 3628، منهم 186 في المُستشفيات (45 في حال حرجة).
وفي ظل أزمة المُستلزمات الطبية بسبب تأثير الأزمة الإقتصادية على آلية استيرادها، تبرز الحاجة أكثر إلى هذه المعدات والمُستلزمات التي كانت مفقودة قبل كارثتي الانفجار وكورونا. أمّا ما يؤمل أن يصل منها عبر المُساعدات الطبية، فتفيد المعلومات بأن المُستشفيات لم تتسلّم أياً منها بعد، بحسب تأكيد رئيس نقابة المُستشفيات الخاصة سليمان هارون لـ«الأخبار»، لافتاً إلى أن جمعيات خيرية محلية وخارجية تواصلت مع النقابة لمعرفة طبيعة المعدات والمستلزمات التي تحتاج إليها المُستشفيات، وهو إجراء مهم، إذ إنه يجنّب الوقوع في سيناريو وصول مساعدات قد لا تحتاج إليها البلاد، كما يحصل في أزمات مُشابهة.
وبحسب هارون، تعاني المُستشفيات حالياً من نقص كبير في معدّات «بديهية» تستخدم في العمليات الجراحية وفي إجراءات تضميد الجروح، كالضمادات والشاش المعقم والخيطان والمطهرات وغيرها.
ومن المعلوم أن عشرات الطائرات وصلت خلال اليومين الماضيين محمّلة بالمُساعدات الطبية، «إلا أنها لا تزال بحوزة الجيش الذي قام بتخزينها بانتظار فرزها وتوزيعها بالتعاون مع وزارة الصحة»، وفق مصادر الوزارة التي أشارت إلى تشكيل لجنة مع قيادة الجيش للمباشرة في التوزيع على المُستشفيات خلال الأيام المُقبلة.
وفيما برزت مخاوف عبّر عنها عدد من الناشطين، أمس، بشأن سرقة المُساعدات والتشكيك في عدم وصولها «كاملةً» إلى المُستشفيات، علّقت مصادر متابعة لعملية تسلّم المُساعدات بالقول: «ما زلنا في مرحلة تسلم المُساعدات، ومعظمها لم يخضع للفرز بعد. سيناريو بيعها أو وضع اليد عليها، لا يزال بعيداً. حتى الآن على الأقلّ.