15 عاماً مرّت على «لقاء القاهرة»، عندما حاولت مصر والفصائل الفلسطينية إتمام مصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس» من دون جدوى. ما لم تفلح فيه «هبّة السكاكين» و«انتفاضة بوابات المسجد الأقصى» وأحداث أخرى لجمع الحركتين، دفعتهما اليه الخيانة الاماراتية والهرولة الخليجية نحو التطبيع مع العدو. هكذا، جمعت بيروت، أمس، قيادات الفصائل الفلسطينية في «لقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية»، بعدما باتت المصالحة حاجة ملحّة إثر «موجة» التطبيع الخليجية. فبالنسبة الى السلطة الفلسطينية، ليست هذه إلا محاولة لدق المسمار الأخير في نعش القضية وإنهاء دور السلطة الفلسطينية. أما بالنسبة الى «حماس»، فستؤدي المصالحة الى تخفيف العقوبات التي فرضتها السلطة على قطاع غزة، وستساعدها في تفعيل المقاومة الشعبية في الضفة الغربية المحتلة لمواجهة «صفقة القرن» ومخطط الضم.
من بيروت إلى رام الله، تبادل الأمناء العامون للفصائل التحيات. بعضهم لم يرَ الآخر منذ سنوات. كل الطيف الفلسطيني كان حاضراً، من داخل منظمة التحرير ومن خارجها. من مقر السفارة الفلسطينية في الجناح، شارك في اللقاء رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، الأمين العام لـ«الجهاد الإسلامي» زياد النخالة، نائب الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية» أبو أحمد فؤاد، نائب الأمين العام لـ«الجبهة الديموقراطية» فهد سليمان، نائب الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية - القيادة العامة» طلال ناجي. ومن رام الله حضرت كل قيادات السلطة و«فتح» ومنظمة التحرير.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ترأس الجلسة عبر تقنية الـ«فيديو كونفيرنس»، مؤكداً أن «الشعب الفلسطيني أفشل صفقة القرن ومشروع الضم»، ومشدداً على أن «القضية الفلسطينية لم تعد بحاجة إلى حماية أو وصاية أو رعاية من أحد». اللقاء، بحسب «أبو مازن»، هو «لاتخاذ موقف وطني سياسي موحد، وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، ويأتي في مرحلة شديدة الخطورة تواجه فيها قضيتنا مخاطر ومؤامرات شتى ومشاريع التطبيع المنحرفة، وآخرها الخنجر الإماراتي».
هنية، من جهته، أكد أن «الشعب الفلسطيني سيبقى موحداً في الداخل والخارج، والاجتماع (...) يفتح أمامنا أفقاً جديداً». وشدّد على «أننا لن نتنازل عن شبر واحد من فلسطين ولن نعترف بإسرائيل، وهي ليست جزءاً من المنطقة وستبقى عدواً. وخيارنا المقاومة الشاملة»، فيما دعا النخالة الى «إنهاء الوضع الراهن وتحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة برنامج وطني قائم على المقاومة بكل أشكالها»، وأيّد أبو أحمد فؤاد طرح «أبو مازن» لـ«تشكيل قيادة وطنية موحدة»، ودعوته الى «حوار وطني شامل»، مشدداً على أن «الطريق إلى إنهاء الانقسام هو إلغاء اتفاقات أوسلو». واعتبر سليمان أن «التحدي المطروح علينا جميعاً هو استعادة الوحدة»، ودعا ناجي الى «إعادة بناء البيت الفلسطيني ومنظمة التحرير في ظل التحديات الراهنة التي تواجه القضية».
تأليف لجنة للمصالحة وإنهاء الانقسام خلال خمسة أسابيع


مصادر في الفصائل قالت لـ«الأخبار» إن اللقاء لن يكون الأخير، وهو استكمال لمسار بدأ بعد لقاء نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» يحيى العاروري وأمين سر حركة «فتح» جبريل الرجوب قبل أشهر.
وفي بيان صدر عقب اللقاء، أكدت الفصائل «الرفض المطلق لجميع المشاريع الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وأي مساسٍ بالقدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية». وأدانت «كل مظاهر التطبيع مع الاحتلال» التي تمثّل «طعنةً للشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية». وتوافق المجتمعون «على تفعيل المقاومة الشعبية كخيار أنسب للمرحلة، دفاعاً عن حقوقنا المشروعة لمواجهة الاحتلال». كما أكدوا إقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس، مؤكدين أنه «لا دولة في غزة، ولا دولة من دون غزة». وقررت الفصائل تأليف لجنة تقدم رؤية استراتيجية لإنهاء الانقسام، وإتمام المصالحة والشراكة في إطار منظمة التحرير، خلال مدة لا تتجاوز خمسة أسابيع، على أن تقدم توصياتها إلى المجلس المركزي الفلسطيني. كما تمّ التوافق على تأليف لجنة وطنية موحدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، على أن توفر اللجنة التنفيذية لها الاحتياجات اللازمة.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا