لا يمكن فصل التحرك الذي نفذه الاتحاد العمالي العام، أمس، عن تشكيل الحكومة. الرسالة كانت بهذا المعنى موجّهة إلى سعد الحريري كما إلى رياض سلامة. مسألة رفع الدعم لا يمكن أن يحتملها أي طرف. والأحزاب التي تقف خلف الاتحاد العمالي كانت رسالتها واضحة بهذا الشأن. حزبيّون من حركة أمل وحزب الله كانوا حاضرين في مجمل التحركات، ولا سيما أمام مصرف لبنان. لم يحشد الطرفان، لكنهما كانا حريصين على وضوح الرسالة. لا ينكر رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن للتحرك هدفاً سياسياً هو الدفع باتجاه تشكيل حكومة. الرسالة إلى المسؤولين واضحة أيضاً. عليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم كي لا يذهب البلد نحو الأسوأ. هذه رسالة أيضاً إلى أن الاتحاد لن يكتفي بالرسالة التحذيرية التي وجّهها أمس. التصعيد هو الخيار البديهي، بحسب الأسمر، في حال بقاء الوضع على حاله.لكن الأحزاب التي شاركت في التحرك هي جزء من السلطة أيضاً. لا ينكر الأسمر ذلك، إلا أنه يعتبر أن الاتحاد يعمل على قاعدة فصل المطلب المعيشي عن الواقع السياسي.
التحركات أمس عمّت كل المناطق. في الشمال، نفذ اعتصام في ساحة جمال عبد الناصر - التل في طرابلس، رفضاً لسياسة رفع الدعم. وعمد عمال وسائقون عموميون وممثلون عن قطاعات النقل البري واتحادها إلى قطع الطريق على أوتوستراد البالما، بالاتجاهين. كما نفذ عمال وأجراء مرفأ طرابلس وقفة تضامنية أمام مقر النقابة في حرم المرفأ، رفضاً «للواقع الاقتصادي والمعيشي المتردي وسياسة تجويع الناس المتمثلة برفع الدعم عن المواد الأساسية ولا سيما المحروقات والدواء والقمح». وفي عكار، التزمت مؤسسة كهرباء لبنان - دائرة حلبا بالإضراب، وتوقّف موظفو مركز «أوجيرو» ومركز التنظيم المدني ومصلحة المياه عن العمل لغاية العاشرة صباحاً.
وفي البقاع، قطع أصحاب الفانات في منطقة بعلبك، المدخل الجنوبي للمدينة عند محلة دوار دورس بالاتجاهين. ووسط إجراءات أمنية اتخذها الجيش. وجرى التأكيد على خطورة رفع الدعم عن المواد الغذائية والمحروقات. وفي شتوره، قطع محتجّون الطريق العام أمام مبنى الجمارك، كما شهدت مستديرة المنارة في زحلة اعتصاماً تخلّله أيضاً قطع الطريق لبعض الوقت.
وفي الجنوب، نفذ سائقو السيارات العمومية والفانات اعتصاماً عند ساحة ‏النجمة في صيدا. ونفّذ عمال ومستخدمو منشآت النفط في الزهراني اعتصاماً أمام المصفاة. وقطع محتجّون السير عند مستديرة البص في صور. وتحركت في المدينة النقابات والاتحادات العمالية كافة، من مصلحة المياه والكهرباء والسائقين العموميين حيث اعتصم العمال أمام مراكزهم، فيما اعتصم السائقون العموميون أمام دوار البص. كما أقفل الضمان الاجتماعي، فيما أضرب موظفو هيئة «أوجيرو». كما نظّم الاتحاد العمالي في مختلف القطاعات اعتصاماً تحذيريّاً أمام مصرف لبنان، فرع صور.
وفي بيروت، نظّمت سلسلة من التحركات الاحتجاجية التي انطلقت من مستشفى الجامعة الأميركية ومطار بيروت ودوّار السفارة الكويتية واجتمعت أمام مصرف لبنان. وأكد الأسمر خلال هذه التحركات رفض رفع الدعم. وقال: «لن نرضى بضرب الصناديق الضامنة ولن نرضى ببيع أملاك الدولة مع مسؤولين فاسدين، ونقول كفى». وشدّد، خلال مشاركته في اعتصام اتحاد النقل الجوي أمام قاعة المغادرين في مطار رفيق الحريري الدولي، على الدعوة «إلى تأليف حكومة قادرة على معالجة هذا الوضع الاقتصادي الصعب»، محذّراً من وجود مافيات لتهريب الدواء والبنزين والمازوت.
لا ينكر الأسمر أن للتحرك هدفاً سياسياً هو الدفع باتجاه تشكيل حكومة


ومن أمام مستشفى الجامعة الأميركية، تجمّع ممثلون وأعضاء لنقابات الضمان، إدارة حصر التبغ والتنباك، عمال ومستخدمي الجامعة الأميركية في بيروت، اتحاد المصالح المستقلة، وقطاع النقل البري. وسأل الأسمر عن مصير الأموال الاحتياطية في مصرف لبنان وعن «مصير السارقين والناهبين وأصحاب الثروات من خلال المناقصات غير الشرعية». ودعا إلى محاكمة جماعية لجميع المسؤولين من دون استثناء، رافضاً أن ينسب تحرّك اليوم إلى أي جهة سياسية. ثم انتقل المحتجّون إلى أمام مصرف لبنان، حيث أشار رئيس اتحاد النقل البري، بسام طليس، إلى أنّ «السياسة المعتمدة بموضوع الدواء والبنزين والمواد الغذائية لن تمر».
وشاركت في التحرك أمام المصرف نقابة سائقي السيارات العمومية، التي كانت قد نظّمت تجمّعاً على المسلك الغربي لأوتوستراد صربا، وانطلقت باتجاه بيروت. كما نظّم سائقو الشاحنات والباصات وقفة احتجاجية عند مستديرة الدورة، قبل توجههم إلى مصرف لبنان. وفي عاليه، عمد محتجوّن من قطاعات مختلفة إلى قطع السير بالاتجاهين عند مستديرة عاليه.


اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا