مقابل هذا الانفتاح، ثمة مجموعات ما زالت رافضة للتعاون مع ما يمثله الكتائب من إرث سياسي ومسؤولية في السنوات الماضية. لكنها لا تعارض انضمام الكتائب أو أي من جماهير الأحزاب إلى تحركاتها طالما أن الالتزام بشعارات النشاط الرئيسة قائم. منذ البداية «رحّبنا بالحزبيين الخارجين من عباءة أحزابهم وانضم إلينا شباب من حزب الله وحركة أمل يومها من دون أن يتعرض لهم أحد. وما يطالب به سامي اليوم يتشابه ومطالبنا». ذلك لا يعني الصفح عن أي مكوّن من «مكوّنات السلطة السياسية في السنوات العشر الأخيرة كما السنوات العشرين التي مرّت قبلها. الطبقة الحاكمة، نواباً ووزراء، مسؤولون عن هذا النظام الاقتصادي المالي المدمّر للمؤسسات وللمواطن، وأصل البلاء في ما وصلنا إليه. جميعهم متهمون حتى تثبت براءتهم من قبل محكمة خاصة بمحاسبة السياسيين المتوالين على السلطة منذ التسعينيات وصولاً إلى اليوم». على المقلب الكتائبي، كل ذلك شرعي ومطلوب. يقول مصدر مسؤول في الحزب إن «الثورة هي أكبر انتصار لطروحاتنا منذ 5 سنوات إلى اليوم والتي أعلنها سامي عند تسلّمه الحزب، إنْ بتغيير الطريقة الداخلية للأداء أو على المستوى الوطني بعد أن تحولت الطبقة السياسية إلى محاصصات». يميز المصدر بين خيارات الكتائب وباقي الأحزاب ليؤكد صوابية قرار الجميل بعدم الدخول في التسوية الرئاسية ثم اتفاق معراب الذي بني على تحالفات طائفية ومصالح.
يسعى الجميّل إلى بناء جبهة معارضة «قادرة على نسج علاقات مع الخارج»
منذ ذلك الوقت، «جرى اتهامنا بالشعبوية ودفعنا ثمن هذا المسار في الانتخابات». رغم ذلك، «كنا أول من اعترض على رياض سلامة وجمعية المصارف، أول من نزل إلى مطمر برج حمود واعترضنا على فرض ضرائب جديدة ومطالبنا تتكامل مع مطالب الانتفاضة بل نحن من تقدّمنا بمشاريع استعادة الأموال المنهوبة واستقلالية القضاء وعارضنا قانون الانتخاب الذي يسلم البلد إلى حزب الله وأيّدنا طرح الدولة المدنية». لا ينكر المصدر أن «الشارع» تقبّل وجود الكتائبيين بصعوبة في المرحلة الأولى، رغم ذلك استمر الحزب بدعم الانتفاضة من الخطوط الخلفية في ساحات جل الديب والزوق وجبيل والبترون ووسط بيروت. مع الوقت، «بتنا أكثر مقبولية وصار بيت الكتائب ملجأ للناشطين الهاربين من القوى الأمنية، إلى أن قررنا الاستقالة من البرلمان فباتت مقبوليتنا كاملة». الأمر نفسه ينطبق على الاجتماعات مع المجموعات. في البداية «كان التشنّج واضحاً بيننا، ثم انتقلنا إلى مرحلة نقاش وتفهّم، وزيارة سامي إلى طرابلس خير دليل على مدى قبولنا». يعمل حزب الكتائب اليوم على تشكيل جبهة معارضة واسعة تطرح خياراً جدياً ومنظماً وقادراً على تقديم طروحات سياسية واضحة، والأهم أن يكون قادراً على نسج علاقات دولية: «نتواصل مع أكثر من 80% من المجموعات بشكل مباشر. ذلك لا يحول دون وجود بعض المجموعات الهامشية والأفراد الرافضين للتعاون معنا». هي المرة الأولى التي يرتاح فيها حزب الكتائب لخياره السياسي والشعبي، لكن رغم «خسارتنا بالحجم السياسي التقليدي في البلد خلال الانتخابات ودفعنا ثمن هذه الخيارات، فإننا نعيش اليوم مرحلة نمو كبير وهو ما تثبته كل استطلاعات الرأي».
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا