نحو 100 مليون دولار أميركي يبلغ مجموع الأموال المستحقة لشركات الطيران في لبنان والمُحتجزة في مصرف «سيتي بنك» بموجب قرار أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل عشرة أشهر.ففي شباط الماضي، أوعز سلامة إلى المصرف المذكور بتجميد عمليات تحويل الأموال التي يقوم بها لمصلحة الاتحاد الدولي للطيران (أياتا) الذي يتولى مهمة «جباية» فواتير بيع التذاكر من مكاتب السفر وتوزيعها على شركات الطيران وفق ما تقتضيه خطة الفوترة والتسوية Billing and Settlement Plan/ BSP.
حينها، عُدّ القرار ضربة كبيرة لقطاع السفر في لبنان لأنه يُعطّل الوسيلة الوحيدة التي كانت معتمدة لتنظيم آلية الدفع بين المسافرين (سواء عبر مكاتب السفر أو مباشرة) وشركات الطيران، قبل أن «تجتهد» شركات الطيران في لبنان، وتعمد إلى «خلق» حلول متفرقة، كلجوئها إلى بيع نسبة معينة من تذاكرها التي تباع حكماً بالدولار «أونلاين»، وتسديد النسبة المتبقية من سعرها عبر إيداع الأموال في حسابات الاتحاد بالليرة اللبنانية على أساس سعر «متغيّر» للدولار، ما أدّى إلى «فوضى كبيرة» بحسب أمين سرّ نقابة مكاتب السفر ريمون وهبة، لافتاً إلى «اعتماد كل شركة طيران آلية دفع خاصة بها، ما أدى إلى حالة إرباك كبيرة بسبب تغيّر سعر دولار الطيران وعدم توحيد آلية الدفع».
في غضون ذلك، كانت شركة طيران الشرق الأوسط، الشركة الوطنية «المدعومة» من مصرف لبنان، تحصر دفع ثمن التذاكر عبر بطاقة الدفع الإلكترونية بالدولار فقط. ومع تفاقم أزمة سعر الصرف، باتت شركات الطيران تُغيّر دورياً آلية بيعها للتذاكر حتى راجت أخيراً مسألة فرض مكاتبها التسديد النقدي المباشر بالدولار للنسبة الأكبر من تسعيرة التذكرة (نحو 80% من سعر التذكرة).
والتحاقاً بهذه الخطوة، أعلن رئيس مجلس إدارة «ميدل إيست» محمد الحوت، أمس، أن الشركة ستتوقف عن قبول الدفع بالدولار من الودائع في البنوك المحلية، «وسنبدأ بيع تذاكرنا بالفريش دولار فقط (...) الاستمرار في قبول الدولارات المحلية غير مجدٍ تجارياً لأن 85% من نفقات شركة الطيران بالعملة الصعبة».
وفيما لم يُحدد الحوت موعد تنفيذ القرار، رأى وهبة أنه يحتاج إلى وقت ولا يمكن اعتماده في الوقت القريب «لأنه يستوجب توحيد آلية الدفع وهو مرتبط بعدة جوانب يجب مراعاتها»، مُشيراً إلى أن اجتماعات ستعقد خلال الأيام المقبلة بين شركات الطيران ومكاتب السفر للبحث في تداعيات القرار.
مصادر مطلعة على الملف قالت لـ«الأخبار» إن من المعلوم أن آلية الدفع التي تعتمدها الشركة الوطنية تصبح المرجعية لبقية شركات الطيران، ما يعني أن بيع التذاكر سيكون حصراً بالفريش دولار، مُضيفةً: «هذا الأمر يعني أن مصرف لبنان يريد خروج ملايين الدولارات المخبأة في البيوت إلى الخارج».
وبمعزل من خلفيات القرار، فإنّ جانباً مهماً يجب الالتفات إليه يتعلّق بإقدام الشركة الوطنية التي تحتكر سوق الطيران في لبنان (وهو ما يسمح لها برفع سعر تذاكرها) بـ«تهريب» دولاراتها إلى حساباتها في الخارج (راجع «الأخبار الجمعة 17 تموز 2020» )، بحيث يصبح المشهد كالآتي: شركة وطنية مدعومة من مصرف لبنان لا تثق بـ«دولارات» المصارف تفرض الدفع بالـ«فريش دولار» لتقوم بتهريبه إلى حساباتها في الخارج.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا