مَثَل الزميل رضوان مرتضى، أمس، أمام المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات في قصر عدل بيروت، للاستماع إليه في الإخبار المقدّم ضده بجرم تحقير قائد الجيش العماد جوزيف عون والمؤسسة العسكرية، خلال مقابلة تلفزيونية تحدث خلالها عن انفجار مرفأ بيروت، مطلقاً وصف «الحمرنة» على المسؤولين المقصّرين والمهملين، ولا سيما العسكريين منهم. وقد حضر الزميل رضوان مع وكلائه المحامين عليا المعلم ومازن حطيط وأشرف الموسوي إلى مكتب القاضي عويدات، علماً بأن الوكيلين المعلم وحطيط كُلّفا من قبل نقيب المحامين ملحم خلف بمتابعة القضية للدفاع عن الزميل مرتضى حرصاً على الحريات الإعلامية لتسجيل موقف معنوي.لقد استمع القاضي عويدات إلى مرتضى نحو ساعتين، سائلاً إياه عن سبب استخدامه الوصف الذي استخدمه، ومن كان يقصد تحديداً. فأجاب مرتضى بأنّ التعبير أطلقه لتوصيف المتورّطين في الإهمال والتقصير من دون أن يقصد مؤسسة محددة بعينها أو شخصاً محدداً. ورداً على اتهامه بتحقير قائد الجيش عندما وصف قراره بمنعه من دخول المحكمة العسكرية بالحماقة، متوجّهاً إليه بأن ينسى النجوم التي على كتفيه ويتذكر أنه موظف وأن المحكمة ليست ملكاً لأبيه، أجاب مرتضى بأنه لا يعرف العماد عون شخصياً، ولم يقصد تحقيره، إنما كان يوصّف قرار قائد الجيش المخالف للقانون، معتبراً أنه سيكسره بالقانون.
«يجب على المحقق العدلي في جريمة المرفأ استكمال تحقيقاته واستدعاء قيادة الجيش السابقة والحالية»


وتحدث مرتضى عن اجتزاء مقطع من مقابلته ووضعه في غير سياقه لتأليب الرأي العام ضده ووضعه في مواجهة الجيش للإيحاء بأنّ هناك مؤامرة لضرب الجيش، معتبراً أنّ هذه المؤامرة ليست موجودة إلا في خيال مخترعها. وذكر مرتضى أن علاقته بالجيش لم تكن يوماً متوترة، بل على العكس هناك صداقات تربطه بعدد كبير من ضباط الجيش، ولم يكن يوماً ضد الجيش كمؤسسة على اعتبارها لجميع اللبنانيين وليست لطرف ضد طرف، طالباً الرجوع إلى مقالاته التي تشهد على ذلك. ورداً على سؤال القاضي عويدات لمرتضى: «إذا اعتبرت قيادة الجيش كلمتك شتيمة وتسيء إلى المؤسسة فهل تسحبها؟»، أجاب مرتضى: «تعبيري كان لتوصيف أمرٍ واقع بحق المقصرين والمهملين. وليس شتيمة بالتأكيد، وأصلاً ليس موجّهاً للجيش كمؤسسة، بل لأفراد لديهم مسؤوليات ويجب أن لا يكونوا فوق المحاسبة. ولكن، إذا اعتبر جنود الجيش تعبيري شتيمة، وهو ليس كذلك، فأنا أسحبه من هذا السياق». وأكد مرتضى حقّه في التعبير عن رأيه ومساءلة المسؤولين في حال وجود التقصير. وقد تركه القاضي عويدات بسند إقامة، على أن يحال الملف إلى المرجع المختص، وهو محكمة المطبوعات.
وعقب الجلسة علّق مرتضى أمام وسائل الإعلام بالقول: «القضية عادت اليوم الى مسارها الصحيح، ونحن كصحافيين نمثُل أمام القضاء وليس أمام جهاز أمني». وتابع مرتضى: «المؤسسة العسكرية هي مؤسسة لكل اللبنانيين وليست لطرف ضد طرف، ولا أحد يمكن أن يضعنا في مواجهة الجيش. هذه المؤسسة كي تُحمى يجب احترام حق الناس في التعبير وحق الإعلام في الانتقاد عندما يكون هناك تجاوزات. وأحياناً قد يكون هذا النقد قاسياً»، لافتاً إلى أنّ هناك قيادة سابقة تُحاكَم بشبهة الإثراء غير المشروع والرشى... وتوجه إلى قيادة الجيش بالقول: «هذه المؤسسة يجب أن تعرف، ولا سيما قيادتها، أن لبنان تميّز بحرية الإعلام». وتابع: «الحصانة الضمنية التي منحت للإعلامي أنه يحاكم حصراً أمام محكمة المطبوعات، وليس بإرجاعنا الى الدولة البوليسية التي أثبتت فشلها في كل دول العالم، ولن تنجح عندنا». وأضاف مرتضى: «لقد رفضت تسليم نفسي للجيش لأنني اعتبرت أن هذا الإجراء قمعي، لكن جئت بقدميّ إلى القضاء لأن لا أحد فوق القانون»، قبل أن يختم بالقول: «يجب على المحقق العدلي في جريمة المرفأ استكمال تحقيقاته واستدعاء قيادة الجيش السابقة والحالية...».
من جهته، قال المحامي مازن حطيط من أمام قصر عدل بيروت إن «مدعي عام التمييز سحب اليوم الملف وجرى التعاطي وفق الأصول، وبالتالي سيحال الملف الى المحكمة الاستئنافية في بيروت، على أن يحال الى محكمة المطبوعات»، مضيفاً: «الدولة البوليسية مرفوضة، والمطلوب أن تأخذ الأجهزة الأمنية دورها بطريقة سلمية، وعلى القضاء وضع حدّ لأي مخالفات».