في خضم ما شهدته وتشهده الجامعة اللبنانية من اعتصامات وإضرابات وتعليق إضراب، وعهود ووعود، ومطالبات ومناشدات، متعاقدون أمضى بعضهم أكثر من خمس عشرة سنة في التعليم بالساعة، لكنهم لم يسمعوا إلا صدى صراخهم. لقد صُمَّت آذانُ المسؤولين في هذا البلد عن صوت وجعهم، ولم يلتفتوا إلى الفائدة والأهمية المرجوّتين للجامعة اللبنانية بدخولهم التفرغ، إذ أنّ عدداً قليلاً منهم مطّلع على الجامعة وأحوالها، أو لا يدرك أهمية الاستقرار الوظيفي للأستاذ الجامعي من أجل استمرارية المسار الأكاديمي السليم وديمومته.في خضم كل ذلك، وأنا أسمع مناشدة زملائي المتعاقدين، ترجع بي الذاكرة إلى ما قبل 2014 حين كنت أيضاً متعاقدة مثلهم، وأستذكر وجوه «رفاق النضال» الذين تشاركنا معهم قضية نصرة الجامعة وتفرغ 2014. وساحة رياض الصلح ومستديرة الصياد شاهدتان على خطاباتهم لدعم الجامعة الأم وإنصاف المتعاقدين.
دخل الزملاء التفرغ بعد طول انتظار... لكنهم تقاعدوا منذ سنتين ولم يدخلهم مجلس الوزراء الملاك، كما جرت العادة وقضى العرف... لم يسعَ أحدٌ لحل قضية الزملاء المتفرغين المتقاعدين، فذهبت تضحياتهم وعطاءاتهم في الجامعة هباء!
نعم لقد خذلْنا الزملاءَ، حين أصبح البعض منا في موقع القرار ولم يبذل جهداً في تحريك ملف الملاك. خذلَتْهُم السلطة حين انقضّت على قوانين الوظيفة العامة، وأهملت الجامعة اللبنانية ولم تستثمر في العلم.
لذا، أتوجه إلى وزير التربية ورئيس الجامعة والهيئة التنفيذية للرابطة بأن يضعوا ملفي الملاك والتفرغ في سلم أولوياتهم فعلا لا قولا، وأن يسعوا مع المعنيين لإيجاد حل سريع لهما حتى لا يغيب عنا أساتذة إمّا بالهجرة أو بالموت، ونخسر الجامعة الوطنية التي تمثّل شاطىء الأمان والثقافة والعلم لأكثر من ثمانين ألف طالب.
الرحمة والسلام للدكتور علي المعوش والدكتور فاسيلي البوجي اللذين ارتحلا عن هذه الدنيا دون أن يحصلا على حقهما في بلد لا يعطيك فيه المسؤول إلا كلاما.
عذرا من الزملاء المناضلين والمظلومين، فوطنُ الحرف لم يقدّر أهلَ الحرف، ولم ينصفْ من صدح صوته دفاعا عن الجامعة الوطنية وأهلها وطلابها... غُبِنْتم في تقاعدكم؛ لكنكم منتصرون في رفعكم راية الحقوق والحرية!
*ممثلة الأساتذة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية