الحرج الذي يصيب إسرائيل، بجناحَيها الحاكم والمعارض، يتحوّل إلى انقسام سياسيّ كلّما تقدمت المفاوضات نحو الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، وخصوصاً أن هذا التقدم يجري على وقع تهديدات حزب الله، علماً أن كل المؤشرات تفيد بأن حكومة يائير لابيد تسير نحو توقيع الاتفاق، تحت ضغط أميركي - أوروبي من جهة، وحاجة الكيان إلى الغاز والنفط لتلبية حاجاته الداخلية أو للتصدير، وكذلك خشية أن يعرّض فشل المفاوضات كل مشروع الطاقة الإسرائيلي في البحر لخطر التدمير. كما يستند لابيد الى استشارات قانونية تحصّنه ضد أي طعن يقدم عليه خصومه أمام المحاكم المختصة، بعدما بدأ هؤلاء بقيادة بنيامين نتنياهو حملة عنيفة ضده تتهمه بـ«التفريط بحقوق إسرائيل والخضوع لتهديدات حزب الله».مصدر سياسي إسرائيلي كشف أن المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف مياره، أكدت أن الحكومة لا تحتاج الى استفتاء شعبي للاتفاق حول الحدود البحرية. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن المصدر أن الاتفاق سيُقدم للجمهور الإسرائيلي فقط بعد المصادقة عليه من قبل المجلس الوزاري المصغر، ولن يتم تقديمه للكنيست قبل التوقيع عليه، وأنه لا يحتاج إلى استفتاء شعبي. وأضاف إن المستشارة القانونية لم تنشر هذا الرأي مكتوباً، لكنها عبرت عنه خلال النقاش في المجلس الوزاري المصغر الذي أجرته الأجهزة الأمنية مع رئيس الحكومة.
وتكمن أهمية موقف المستشارة القانونية في أنه يحصّن حكومة لابيد من الانتقادات التي كان يمكن أن تؤثر على أدائها، وأن المستشارة ستدافع عن قرارات الحكومة أمام المحكمة العليا، وإن كان ذلك لا يمنع من رفع دعاوى أمام المحكمة من ناحية نظرية.
في غضون ذلك، تحولت صورة إسرائيل كخاضعة للمقاومة في لبنان إلى محور سجال حاد داخل القيادة الإسرائيلية، وتزامن ذلك مع إعلان لابيد أن المفاوضات بين إسرائيل ولبنان يمكن أن تقود الى اتفاق قريب. وكان البارز خرق نتنياهو الصمت وتحلّله من الالتزام للجانب الأميركي بعدم إقحام الملف في السجال الانتخابي. وقد وجّه زعيم الليكود «بيانا مقلقاً جداً للجمهور الإسرائيلي»، اتهم فيه لابيد بأنه «أصيب بالذعر في مقابل تهديدات (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله» التي أعلن فيها منع إسرائيل من استخراج الغاز من حقل كاريش في حال عدم حصول لبنان على مطالبه، وأرفق تغريدته بفيديو لنصر الله.
وردّ لابيد باتهام ننتياهو بأنه «عديم المسؤولية بشكل فظيع»، و«يضرّ بمفاوضات حكومة إسرائيل، وبمصالحنا الأمنية والسياسية والاقتصادية». ووصف المفاوضات التي تجرى في الولايات المتحدة بـ«المعقّدة والمتقدمة للغاية، متوقعاً في الوقت نفسه بأنها قد تؤدي في الفترة القريبة الى اتفاق مع لبنان».
حماية «قانونية» لحكومة الاحتلال لإنجاز الاتفاق سريعاً


وفي محاولة للتبرؤ من صورة إسرائيل التي التصقت بها بأنها خضعت لمعادلة حزب الله، أكد لابيد أنه أعطى «لطاقمنا في المفاوضات معايير واضحة جداً بالتنسيق مع وزير الأمن أين توجد احتياجاتنا الأمنية، السياسية والاقتصادية. إذا وصلنا الى ذلك من خلال الحفاظ على هذه المعايير جيد، وإذا لا فإن إسرائيل قوية وتعرف الدفاع عن نفسها». ولفت الى أن الإسرائيليين «جلسوا مع الطواقم الأميركية الذين عادوا والتقوا باللبنانيين، والأمر يسير بالطريقة التي تسير بها المفاوضات». وتكشف التفاصيل التي أوردها لابيد أن الولايات المتحدة تحوّلت الى ساحة تفاوض مكثف في محاولة للوصول الى اتفاق في أقرب وقت، تفادياً للوصول الى توقيت حرج ترتدع فيه إسرائيل عن الاستخراج تحت تهديد حزب الله، أو توجيه ضربات من الأخير في حال محاولة الاستخراج قبل الاتفاق.
ودخل وزير الأمن بني غانتس أيضاً على محاولة تلطيف صورة خضوع إسرائيل لتهديدات حزب الله، فرأى أن «إسرائيل لم تقبل ولن تقبل إملاءات من إيران ووكلائها في لبنان». وأكد أن إسرائيل «ستستخرج الغاز من كاريش في الوقت المحدد، وسنواصل مدّ يد لاتفاقات تساعد على ازدهار المنطقة، واقتراح المساعدة الإنسانية للمواطنين. هم ليسوا العدو – بل المنظمات الإرهابية التي تعمل برعاية الأنظمة».