هل التوقيف الاحتياطي مباح بشكل مطلق للقضاة؟
الأصل أن التوقيف الاحتياطي هو استثناء وقيد على حرية الفرد، لذلك وضع القانون قيوداً على قاضي التحقيق. ومن شروط التوقيف الاحتياطي التي حدّدها القانون:
1- ان يكون الجرم المسند اليه معاقباً عليه بالحبس أكثر من سنة او ان يكون الفرد محكوماً بعقوبة جنائية او بالحبس أكثر من ثلاثة أشهر من دون وقف التنفيذ.
2- ان يكون قرار التوقيف معللاً.
3- ان يبين فيه قاضي التحقيق الاسباب الواقعية والمادية التي اعتمدها لاصدار قراره.
4- ان يكون التوقيف الاحتياطي الوسيلة الوحيدة للمحافظة على أدلة الاثبات أو المعالم المادية للجريمة، او للحيلولة دون:
ممارسة الاكراه على الشهود او على المجني عليهم
او لمنع المدعى عليه من اجراء أي اتصال بشركائه في الجريمة او المتدخلين فيها او المحرضين عليها
5- ان يكون الغرض من التوقيف:
حماية المدّعى عليه نفسه
او وضع حد لمفعول الجريمة او الرغبة في اتقاء تجددها
او منع المدعى عليه من الفرار
او تجنيب النظام العام أي خلل ناجم عن الجريمة

هل يجوز للضابطة العدلية توقيف أشخاص تم الاشتباه بهم؟
يحظر على ضباط الضابطة العدلية (القوى الأمنية) احتجاز المشتبه فيهم في نظاراتهم إلا بقرار صادر عن القضاء ممثلا بالنيابة العامة، وضمن مدة لا تزيد على ثمان وأربعين ساعة يمكن تمديدها مدة مماثلة فقط بناء على موافقة النيابة العامة. وحتى في الجريمة المشهودة، أولى القانون صلاحية التوقيف للنيابة العامة وليس قوى الأمن التي أولاها صلاحية القبض على المرتكب فقط.
متى يجوز التوقيف الاحتياطي في الجريمة المشهودة؟
إذا كان الجرم في الجريمة المشهودة من نوع الجنحة التي تستوجب عقوبة الحبس سنة على الاقل، للضابط العدلي ان يقبض على المشتبه فيه وان يحقق في الجنحة تحت اشراف النائب العام الذي هو من يحق له تقرير توقيفه بالجنحة وإحالته مباشرة امام القاضي المنفرد لمحاكمته.
أما في الجناية، فيحق للنائب العام أو المحامي العام أن يحتجز شخصاً وجده بين الحضور اذا توافرت فيه شبهات قوية، ويكون احتجازه على ذمة التحقيق لمدة لا تزيد على ثمان واربعين ساعة، ما لم ير أن التحقيق يحتّم مهلة إضافية فيقرر تمديد احتجازه مدة مماثلة.

ما هي الحالات التي يحق فيها لقوى الأمن الداخلي توقيف الأشخاص؟
يحق لقوى الأمن الداخلي أن توقف الأشخاص بموجب قانون أصول المحاكمات المدنية وقانون تنظيم قوى الأمن الداخلي في الحالات الآتية:
1. تنفيذاً لحكم قضائي.
2. تنفيذاً لمذكرة عدلية.
3. تنفيذاً لطلب من السلطة القضائية صاحبة الصلاحية أو من ضباط الضابطة العدلية.
4. تلقائياً في حالة الجناية المشهودة والجنحة المشهودة التي تكون عقوبتها الحبس على أن يُعلموا في الحال المرجع القضائي المختص ويتقيّدوا بتعليماته.
5. كما يمكن لرجال قوى الأمن الداخلي اللجوء إلى التوقيف الوقائي ذي الطابع الإداري عندما يشكل ترك الشخص طليقاً خطراً على نفسه أو على الغير، كمن كان في حالة السكر الظاهر أو ما شابه، أو في سبيل التثبت من وضع الشخص المشتبه به أو المشكوك في صحة هويته. وهذا التوقيف لا يجوز أن يستمر أكثر من 24 ساعة. وتعتبر بعض المراجع الحقوقية الحالة الأخيرة ملغاة بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد.



ما هي عقوبة مخالفة الضابط أو القاضي لأصول توقيف المشتبه فيه؟
إذا خالف الضابط العدلي الأصول المتعلقة باحتجاز المدعى عليه أو المشتبه فيه، يتعرض للملاحقة بجريمة حجز الحرية المنصوص والمعاقب عليها بموجب المادة 367 من قانون العقوبات، والتي تنص على إنزال عقوبة بحق الموظف الذي يوقف او يحبس شخصاً خلافاً لما نص عليه القانون، بالإضافة إلى العقوبة المسلكية سواء أكانت الجريمة مشهودة أم غير مشهودة.
يتعرض القائم بالتحقيق (من قضاة النيابة العامة او من عناصر الضابطة العدلية)، إضافة إلى العقوبة المسلكية، لعقوبة الحبس لمدة تتراوح بين ثلاثة اشهر وسنة وبغرامة تتراوح بين مليوني ليرة وعشرة ملايين ليرة في حال لم يراع أياً من الضمانات الأساسية للموقوف بما فيها احتجازه خلافاً للقانون.
يعاقب مدراء وحراس السجون أو المعاهد التأديبية أو الاصلاحيات وكل من اضطلع بصلاحياتهم من الموظفين بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات، اذا قبلوا شخصاً من دون مذكرة قضائية أو قرار قضائي، أو استبقوه الى أبعد من الأجل المحدد.
ضباط القوة العامة وافرادها وجميع الموظفين الاداريين الذين يرفضون أو يؤخرون احضار شخص موقوف أو سجين أمام القاضي ذي الصلاحية الذي يطلب اليهم ذلك، يعاقبون بالحبس من شهر الى سنة.

هل هناك حالات لا يجوز فيها مطلقاً اتخاذ قرار بالتوقيف الاحتياطي؟
حددت بعض القوانين حالات لا يجوز فيها مطلقاً اتخاذ القرار بالتوقيف الاحتياطي ومنها قانون المطبوعات وقانون تنظيم مهنة المحاماة، حيث لا يجوز التوقيف الاحتياطي بحق الصحافيين والإعلاميين في جرائم المطبوعات، كما لا يجوز توقيف المحامي احتياطياً في دعوى الذم أو القدح أو التحقير التي تقام على محام بسبب اقوال أو كتابات صدرت عنه اثناء ممارسته مهنته.
حتى في الجريمة المشهودة، أولى القانون صلاحية التوقيف للنيابة العامة وليس لقوى الأمن التي أولاها فقط صلاحية القبض على المرتكب


ما هي المدة القصوى لتوقيف المدعى عليه؟
في الجنحة: لا يجوز ان تتعدى مدة التوقيف شهرين، ويمكن تمديدها لتصبح أربعة أشهر كحد اقصى في حالة الضرورة القصوى باستثناء المحكوم عليه سابقا بعقوبة مدتها سنة على الاقل.
في الجنايات: لا يجوز ان تتعدى مدة التوقيف ستة أشهر، يمكن تجديدها لمرة واحدة لتصبح سنة بقرار معلل، باستثناء: الموقوف المحكوم عليه سابقا بعقوبة جنائية وجنايات القتل والمخدرات والاعتداء على امن الدولة والجنايات ذات الخطر الشامل وجرائم الارهاب.

ما البديل عن التوقيف الاحتياطي؟
يمكن لقاضي التحقيق، مهما كان نوع الجرم، ان يستعيض عن توقيف المدعى عليه بوضعه تحت المراقبة القضائية، وبالزامه بموجب او اكثر من الموجبات التي يعتبرها ضرورية لانفاذ المراقبة. منها:
أ - التزام الاقامة في مدينة او بلدة او قرية ومنع مبارحتها واتخاذ محل اقامة فيها.
ب - عدم التردد على محلات او اماكن معينة.
ج - ايداع جواز السفر لدى قلم دائرة التحقيق وإعلام المديرية العامة للامن العام بذلك.
د - التعهد بعدم تجاوز دائرة المراقبة واثبات الوجود دورياً لدى مركز المراقبة.
هـ - عدم ممارسة بعض المهن التي يحظر عليه قاضي التحقيق ممارستها طيلة مدة المراقبة.
و - الخضوع للفحوصات الطبية والمخبرية دورياً في خلال مدة يعيّنها قاضي التحقيق.
ز - تقديم كفالة ضامنة يعيّن مقدارها قاضي التحقيق.
اذا اخل المدعى عليه بأحد موجبات المراقبة المفروضة عليه، لقاضي التحقيق ان يقرراصدار مذكرة توقيف في حقه. ويمكن لقاضي التحقيق ان يقرر منعه من السفر مدة لا تتجاوز الشهرين في الجنحة والسنة في الجناية من تاريخ اخلاء سبيله او تركه.
ما هي صلاحية النائب العام في حال رفض قاضي التحقيق استجواب المدعى عليه الموقوف احتياطياً؟
في حال إحضار القوى الأمنية لموقوف بموجب مذكرة احضار، على قاضي التحقيق أن يستجوبه خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تنفيذ مذكرة الاحضار في حقه.
عند انقضاء الاربع والعشرين ساعة يتوجب على رئيس النظارة أن يحضر، من تلقاء نفسه، المدعى عليه الى النائب العام الذي يطلب من قاضي التحقيق استجوابه.
إن أبى قاضي التحقيق او كان غائبا او حال دون استجوابه مانع شرعي فيطلب النائب العام من قاضي التحقيق الاول ان يستجوبه او يعهد الى احد قضاة التحقيق بذلك.
إن تعذر استجوابه فيأمر النائب العام باطلاق سراحه في الحال.
اذا استمر احتجازه اكثر من اربع وعشرين ساعة دون ان يحضر الى النائب العام، فيعدّ هذا التوقيف عملا تعسفيا ويلاحق الموظف المسؤول عنه بجريمة الحرمان من الحرية الشخصية.



هل تترتب مسؤولية على القاضي الذي يتخذ قراراً بالتوقيف الاحتياطي ثم تتبين براءة المشتبه به في ما بعد؟
القوانين اللبنانية لا تقر مسؤولية الدولة ولا مسؤولية القضاء وافراد الضابطة العدلية شخصياً عن التوقيف الاحتياطي في حال براءة المشتبه به طالما كانت السلطة الاستنسابية للقاضي هي مسألة يستقل بها في اتخاذ القرار بتوقيف المشتبه به (استشارة هيئة الاستشارات والتشريع رقم 272/ر/1960)