بدءاً من الأسبوع المقبل، يُفترض أن تجد أزمة فقدان الطوابع طريقها إلى الحل. إذ اعتباراً من أواخر الشهر الجاري وحتى نهاية العام، ستطرح وزارة المالية تباعاً 33 مليون طابعٍ أميري للمعاملات الرسمية. لكن هذه الخطوة، إذا لم تترافق مع إجراءاتٍ صارمة لضبط احتكار الطوابع وبيعها في السوق السوداء المتنامية، لن تتخطى كونها انفراجاً مؤقتاً في سياق أزمةٍ تعيشها الإدارات العامة، كأحد أوجه الانهيار المالي والاقتصادي، وانعكاسه عجزاً لدى مؤسسات الدولة عن تأمين أبسط الخدمات.
(هيثم الموسوي)

وبناءً على اتفاق بين وزارة المالية ومطبعة الجيش اللبناني، تتسلّم خزينة المالية منتصف الأسبوع المقبل 10 ملايين طابع من فئة الألف ليرة. وبعدها بأيامٍ ستتسلم 5 ملايين طابع من فئة الـ 5 آلاف ليرة. وبالتوازي تحضّر وزارة المالية، وفق مدير الخزينة اسكندر حلاق، الإجراءات اللازمة لطبع 18 مليون طابع من فئة الـ 10 والـ 20 والـ 50 ألفاً تحتاج إلى خمسة أسابيع لإنجازها. ما يعني أن «المالية» ستطرح في غضون شهرٍ ونيّف نحو 33 مليون طابع. ومع مطلع العام من المقرّر، بحسب حلاق، أن تبدأ الوزارة إعداد مناقصة لاستدراج عروضٍ من شركات مهتمة بإنجاز الطوابع لمصلحة «المالية». ومع تلزيم إحداها يتوقف تلقائياً العمل مع مطبعة الجيش.
في الأساس، جرى التعاون مع الجيش وفق اتفاقٍ بالتراضي عام 2020. بهدف تسيير أمور الوزارة لجهة تأمين 100 مليون طابع تسدّ حاجة السوق لعامين، استناداً إلى دراسات بيّنت أن الحاجة السنوية تقدّر بـ 50 مليون طابع، وذلك على خلفية توقّف الشركة المتعاقدة مع الوزارة عن العمل بعدما باتت كلفة الطبع تفوق سعر الطابع، واقترحت تعديل الكلفة لتتماشى مع تراجع سعر الليرة. ومع عدم التوصل إلى اتفاق، ارتأى ديوان المحاسبة الذي أعاد النظر في الكلفة تلزيم الطبع لمطبعة الجيش نظراً إلى سعرها المتناسب وقدرات وزارة المالية.
ستطرح وزارة المالية 33 مليون طابع قبل نهاية السنة


في السوق، استغلّ تجار الأزمات التوقّف عن الطبع، فأدخلوا الطوابع عالم السوق السوداء. في بداية 2021 و2022 جرى سحب كميات كبيرة من الطوابع، من قبل 672 حائزاً تراخيص لشراء طوابع من المالية، وبعضهم، ممن يتمتعون بـ«واسطة» قوية حصلوا على كميات كبيرة، فيما آخرون وجدوا في تجارة الطوابع سبيلاً لتسييل أموالهم. فاشتروا من الوزارة كميات لا بأس بها عن طريق «شيكات» مصرفية، وقبضوا ثمنها نقداً من السوق. وأدى ذلك إلى انقطاعٍ للطوابع ما زال مستمراً بنسبٍ متفاوتة بين منطقة وأخرى، حتى وصل سعر الطابع في بعض المناطق إلى 100 ألف ليرة، «واجه» وزير الداخلية بسام مولوي الأزمة برفع أسعار الطوابع! وإن كان في ذلك حاجة لخزينة الدولة، وخطوة لا مفرّ منها مع تهاوي العملة الوطنية، إلا أنه ليس منطقياً أن تأتي الحلول دوماً على حساب جيوب الناس، بعيداً عن مكافحة الاحتكار وعرقلة معاملات المواطنين.