«الفراغ طويل... طويل» على ما تؤكد مصادر متابعة للملف الرئاسي، رغم «حماوة» الاتصالات الفرنسية ومحاولات باريس، ومن خلفها واشنطن والرياض وبعض من في الداخل، التوصل إلى «مرشح تسوية» اسمه جوزف عون. هذا ما تشي به الحركة الفرنسية، وإن كانت باريس لا تزال - حتى الآن - تحرص على إشاعة أجواء بأنها إلى جانب حثها الجميع على إجراء الانتخابات سريعاً، لا تضع فيتو على أي مرشح يتوافق عليه اللبنانيون بمن في ذلك سليمان فرنجية أو... جوزف عون.
(هيثم الموسوي)

ولكن بما أن لبنان «أخطر» من أن يُترك للفرنسيين وحدهم، يمكن استشراف التعقيدات التي تحيط بالملف من الموقف السعودي الذي يفرض شروطاً مستحيلة كانتخاب رئيس معارض لحزب الله وتركيبة حكومية خالية من الحزب ورؤساء أجهزة أمنية معادين للمقاومة. وهي شروط كان يمكن للرياض أن تفرضها لو أنها، مثلاً، حققت انتصاراً في اليمن، وأطاحت بالنظام في دمشق، وانتصرت «ثورتها» في طهران، أو في حال كانت حليفتها تل أبيب خارجة للتوّ من حرب كبرى «مسحت» فيها المقاومة عن وجه الكوكب.
في انتظار عودة الواقعية إلى السياسة السعودية، فإن حزب الله لا يزال على موقفه بترشيحه غير المعلن لفرنجية عبر «معبر جبران باسيل» الإلزامي، وليس مقتنعاً بأي «اسم آخر». وهو، هنا، يفصل تماماً بين الملف الرئاسي وبين حرصه على العلاقة الجيدة مع المؤسسة العسكرية التي يعتبرها «أم المؤسسات الوطنية» رغم الجهود الأميركية المتواصلة لوضع الجيش في وجه المقاومة. والحزب، وإن كان يدرك أن موازين القوى في المجلس الجديد لا تسمح بتكرار تجربة 2016 لإيصال مرشحه، إلا أنه يدرك أيضاً أن موازين القوى خارج المجلس لا تسمح بتجاوز معادلة أمينه العام السيد حسن نصرالله بعدم وصول رئيس معاد للمقاومة أو يخضع للأميركيين إلى بعبدا. وبالتالي، لا مانع لديه من انتظار نضوج ظروف تسمح بتسليم بعض الداخل والخارج بهذه المعادلة.
حزب الله على موقفه بترشيحه غير المعلن لفرنجية عبر «معبر باسيل» الإلزامي وليس مقتنعاً بأي اسم آخر


ولعل بعضاً من بوادر هذا التسليم بدأت تلوح، وفق «أجواء» توافرت لـ«الأخبار»، تشير إلى أن جهداً فرنسياً يجري مع الرياض لإقناعها باستحالة تجاوز حزب الله في الملف الرئاسي، وبحتمية التفاوض معه في أي «تسوية» مفترضة تريدها السعودية، حتى ولو كانت تتمحور حول قائد الجيش. وباريس الحريصة على أجواء الاستقرار ربطاً بالالتزامات التي قطعتها في اتفاق الترسيم ببدء «توتال» أعمال التنقيب في البلوكات اللبنانية، تدرك جيداً دور الحزب وعنصر الاستقرار الذي يشكّله.
من جهة أخرى، وصل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى الدوحة مساء أمس. ولم يُعرف جدول أعمال باسيل ومن سيلتقي، علماً أن عدداً كبيراً من المسؤولين الأوروبيين والأميركيين والعرب موجودون في قطر حالياً على هامش بطولة كأس العالم لكرة القدم.