لم تصدر بعد نتائج فحوص العيّنات التي أخذتها وزارة الصحة من دار العجزة في طرابس، إلا أنّ الوزارة أعلنت أمس عن انطلاق حملة التلقيح ضد الكوليرا «في دور رعاية المسنّين ومراكز التأهيل والعلاج المخصصة لكبار السنّ، إضافة إلى إعطائهم الجرعة التعزيزية من لقاح كوفيد – 19». وقد بدأت الحملة «في دار الرحمة للمسنّين في عين سعادة، بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني، حيث تم تلقيح أكثر من 300 نزيل وحوالي 100 عامل صحّي... وستستمرّ حملة تلقيح المسنّين لمدّة أسبوعين لتشمل جميع المراكز ودور الرعاية الموجودة على الأراضي اللبنانية كافة».خطوة لم تخفّف من المخاوف، ولا الأسئلة، التي تصاعدت في طرابلس بعد الإعلان عن إصابة 22 مسنّاً بمرض الكوليرا، يقيمون في مركز الخدمات الاجتماعية لرعاية المسنّين ـ دار العجزة الكائن في محلة أبي سمرا. وفيما تكتّم المسؤولون عن مركز الرعاية الاجتماعية على أسباب ما حصل، أوضحت مصادر لـ«الأخبار» أنّ «حالة من الإرباك والقلق سيطرت على المركز بعد ظهور الإصابات، ما دفع المعنيين إلى الاستعانة بوزارة الصحّة والصليب الأحمر بهدف مساعدة المصابين وتلقيح بقية المسنّين المقيمين في المركز الذين يقاربون 300 مسنّ، خشية إصابتهم هم أيضاً بمرض الكوليرا، وتفشّيه داخل المركز». وأشارت المصادر إلى أنّ المسؤولين عن المركز «أرادوا منذ البداية إبعاد تهمة التقصير أو الخطأ عنهم وعن المركز، والإيحاء بأنّ مصدر الإصابة بالكوليرا جاء من خارج المركز، عبر طعام أو شراب لم يكن من إنتاج مطبخ المركز»، موضحة أنّ «مطاعم ومحال معجنات وحلويات في طرابلس اعتادت أن ترسل يومياً أو أسبوعياً وجبات غذائية إلى دور الرعاية الاجتماعية في المدينة، وهي وجبات لا تخضع للرقابة المسبقة إلّا نادراً، وتكون عادة من بقايا الطعام الذي يتركه زبائن المطاعم والمحال، أو وجبات كاسدة، يفضل أصحابها عدم رميها في القمامة قبل انتهاء مدّة صلاحيتها، وإرسالها بدلاً من ذلك على شكل تبرّعات وأعمال خيرية إلى دور الرعاية الاجتماعية المختلفة والمتعدّدة في المدينة».
كلّ ذلك دفع مركز الرعاية الاجتماعية لرعاية المسنّين إلى تجنّب إصدار بيان توضيحي حول ما حصل، كانت إدارته قد وعدت به، إلى حين اتضاح الصورة. إلا أنّ وزارة الصحّة أصدرت بياناً أكّدت فيه وجود الإصابات، وأنّ فريقاً من برنامج الترصّد الوبائي حضر على عجل إلى المركز والمستشفى الحكومي، و«باشر على الفور بإجراء الفحوصات السريعة اللازمة، حيث تبيّن له وجود إصابات بالكوليرا. وبالتوازي، قامت الفرق المعنية بعملية تصنيف المرضى، وتمّ عزل من كانت لديه عوارض إسهال عن باقي المسنّين». وأشار بيان الوزارة إلى أنّ الفريق المذكور قام «بالتعاون مع مسؤول مختبر الصحّة والبيئة في الجامعة اللبنانية ـ الفرع الثالث الدكتور منذر حمزة، بأخذ عيّنات من المياه والطعام المستخدمين في المركز لفحصهما، وسوف تعلن نتائج الفحوص فور صدورها للتأكّد من مصدر الإصابات بمرض الكوليرا». في المقابل، أوضح مدير مستشفى طرابلس الحكومي ناصر عدرة لـ«الأخبار» وضع المسنّين المصابين، وأشار إلى أنّ «عدد المسنّين الموجودين في المستشفى الذين نُقلوا إليه بعد إصابتهم بالكوليرا بلغ 22 مصاباً، خمسة منهم يعالجون في قسم العناية الفائقة بسبب صعوبة أوضاعهم الصحية، فضلاً عن أنّ بعضهم كانوا في السابق يعانون أمراضاً مزمنة مثل الفشل الكلوي، أمّا المصابون الـ 17 الآخرون فيعالجون في أسرّة عادية في المستشفى ويفترض أن يغادروا المستشفى في غضون أيّام، بعد تماثلهم إلى الشفاء المرهون بمدى تجاوبهم مع العلاج».