لم تصل المفاوضات بين حزب الله وعشائر عرب خلدة في ملف أحداث خلدة التي وقعت في 1 آب 2021 إلى نتيجةٍ تُرضي الطرفين. أكثر من 6 جلسات عُقدت برعاية مخابرات الجيش وبحضور ممثلين عن تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي ودار الفتوى، وصلت إلى حائط مسدود. الطرفان تقاذفا المسؤولية، فيما المؤكد الوحيد هو رفض ممثلي العشائر طلب حزب الله أن يقدّموا أسماء مطلقي النار في الكمين الذي نُصب أثناء تشييع علي شبلي، وأدى إلى مقتل 4 أشخاص وجرح 10 آخرين، على اعتبار أن ذلك سيؤدي إلى شرخٍ بين العشائر.هنا، توقفت الجلسات وأصر حزب الله على الالتزام بما يصدر عن القضاء، ما أثار غضب العشائر التي اعتبرت أنّ القضاء سيكون «ظالماً» باعتبار أنّ لا موقوفين من حزب الله في الملف، مقابل 36 مدعى عليه من أبناء العشائر أُخلي سبيل 7 منهم وأُبقي على 17 موقوفين فيما يعدّ 12 آخرون فارين من وجه العدالة.
في المقابل، لحزب الله روايته التي تعود إلى أحداث خلدة الأولى، في آب 2020، عندما قتل الطفل حسن غصن في اشتباك على خلفية رفع رايات عاشورائية في المجمع التجاري الذي يملكه شبلي. يومها، رفضت عرب خلدة طلب الحزب حل القضيّة على الطريقة العشائريّة وطلبوا إبعاد عائلة شبلي عن المنطقة، وأصرّوا على رفع دعوى ضد أكثر من 25 مدّعى عليه بينهم عدد من مسؤولي الحزب في المنطقة. وحينها، أيضاً، فشلت الوساطات إلى أن ثأرت العشائر لدم غصن بقتل شبلي الذي نُصب الكمين أثناء تشييعه.
اليوم، تُطالب العشائر بالحل العشائري أو حل قريب لما تم اجتراحه في معارك الطيونة. وفيما يبدو أن حزب الله غير قادر على الذهاب نحو هذا الحل، انقسمت العشائر بين من فضّل أن يبقى الملف بيد النائب السابق طلال إرسلان، ومن حاول طرق أبواب أُخرى من بينها باب النائب أشرف ريفي الذي دخل على خط «الوساطات»، بعد زيارتين قام بهما إلى عشائر عرب خلدة وعرب السعديات. وقد أمل هؤلاء في ريفي خيراً، بعدما يئسوا من تدخّل دار الفتوى التي لم ينالوا منها سوى وعود مكرّرة من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وأبدوا انزعاجاً من الشيخ خلدون عريمط الذي أوكلت إليه مهمّة التواصل معهم نيابةً عن الدار.
وإلى ريفي، عرض نحو 11 نائباً سنياً «خدماتهم»، كما تم الاتفاق على إشراك النائب مارك ضو باعتباره نائباً عن عاليه علماً أنّه لم يُشارك بعد في أي اجتماع تنسيقي في هذا الإطار.
وبحسب المعلومات، فإنّ اللقاءات التي قام بها النواب السنّة أفضت إلى اتفاق مع قائد الجيش العماد جوزيف عون على موافقة هيئة المحكمة العسكرية على إخلاء سبيل 6 موقوفين من بين الـ17 موقوفاً هذا الأسبوع، لم تُثبت التحقيقات مشاركتهم في المعارك وتعدّ التهم المنسوبة إليهم جنحاً قضوا مدة محكوميتهم فيها.
يتوقّع أن يصل بعض الأحكام إلى المؤبّد والإعدام بجناية القتل والاعتداء على الجيش


في المقابل، يستبعد متابعون توقيع المحكمة على طلبات إخلاء السبيل خصوصاً أنّ الجلسات تجرى على قدمٍ وساق، وكان آخرها أول من أمس، بعدما أنهت هيئة المحكمة استجواب جميع المدّعى عليهم وبدأت بالاستماع إلى الشهود الـ9 الذين طلبت الإدلاء بشهادتهم، علماً أن شاهدين تم تبليغهما ولم يحضرا.
ويقول متابعون إنّ المحكمة ستُنهي عملية الاستماع إلى الشهود في جلسةٍ تُعقد الاثنين المقبل تليها جلسة أُخرى بعد أسبوع لإصدار الأحكام قبل نهاية هذا العام. وفيما يتوقّع أن يصل بعض الأحكام إلى المؤبّد والإعدام (الادعاء بجناية القتل والاعتداء على الجيش)، يخشى أن يرتّب ذلك تصعيداً بين العشائر يؤدي إلى افتعال إشكال أمني، خصوصاً أن هؤلاء يعتبرون أنفسهم مستهدفين لعدم وجود موقوفين محسوبين على الطرف الآخر. وهذه الخشية أكّدها التسجيل الصوتي المُسرّب لريفي في حديثه إلى أمّهات الموقوفين، إذ قال: «في حال لم تكن هناك نتائج إيجابية تجاه أولادنا، كونوا أكيدين سنكون مع الأمهات في الشارع، وليس فقط على طريق خلدة - الجنوب، بل أيضاً في البقاع والشمال وكل المناطق تقريباً، ولدينا القدرة على التواصل مع الأهالي في جميع المناطق»، مضيفاً: «أي حل لا يرضينا لن نقبل به نهائياً، ولدينا خيارات عديدة جداً. فنحن أمام مرحلة جديدة»، واعداً بنتائج «إيجابية ومغايرة عمّا كانت عليه سابقاً»، ومتمنياً البقاء «تحت راية مفتي الجمهورية لنكون موحدين، ونحن نمتلك غطاء سياسياً دينياً وقضائياً بواسطة المحامين، وعلى تواصل مع قيادة الجيش».