طاردت المخرجة الشابة روان الغابة، حلماً هوليوودياً في عرضها الاستعراضي «مولان روج» الذي افتتح موسم دار الأوبرا المصرية في القاهرة قبل شهر. «مولان روج» (1952 ـ إخراج جون هيوستن) فيلم رومانسي موسيقي أميركي شهير، يدور حول الشاعر «كريستيان»، الذي يُغرم بـ»ساتين»، نجمة كباريه «مولان روج» المُصابة بمرض عضال. الفيلم ترشح لـ 8 من جوائز الأوسكار، وفاز باثنتين منها.
أرادت روان تقديم عمل موسيقي على غرار عروض «برودواي» وعلى هُدى الفيلم الشهير. وعندما لم تجد من يتحمس لتمويل مشروعها، قررت إنتاجه ذاتياً بمشاركة فريق من المتطوعين، وتمسكت بطموح عرضه على أكبر مسارح مصر، أي «دار الأوبرا». لكن إيجار الليلة الواحدة فيه يوازي ميزانية العرض كله، أي 60 الف جنيه، ما يعادل 7662 دولاراً. كلفة خامات الديكور والملابس وتسجيل الصوت، تحملتها والدتها طبيبة الأسنان نجاة عبد الفتاح التي أشرفت على تنفيذها وصمّمت الملابس من دون سابق تجربة.
اقترحت المخرجة صيغة جديدة أقنعت بها دار الأوبرا، هي منحها ليلتي عرض مقابل تنازلها عن حقوقها المادية. واختارت اختها، مي الغابة، لتجسد البطلة «ساتين»، تمثيلاً وغناءً، وادوارد كوزان لدور كريستيان، مع عدد صغير من دارسي أكاديمية الفنون للأدوار الرئيسة تميز منهم: مجدي البحيري في دور «زيدلر»، وعلاء حور «الدوق»، وباقي فريقها من الهواة، بمن فيهم الراقصون.

كلفة إيجار ليلة واحدة في دار الأوبرا تبلغ 7662 دولاراً

العرض الذي أعدته مخرجته، بمشاركة ايفان ميتزجر، احتفظ بتفاصيل قصة الفيلم. هو تقليد مكثف ومختزل لمشاهده لتناسب المسرح، مع تقديم الأغنيات نفسها، من دون معالجة جديدة أو تطوير، يسمح بالقول إنّه حاول اقتفاء خطوات «برودواي»، كما رُوج له. غابت عنه البهجة وابهار الاستعراضات ــ سبب شهرة الفيلم ــ الذي يفترض بالعرض بثه بسبب ضعف أداء ممثليه، الذي تفاوت بين سذاجة الأداء وانعدام تلقائيته. مجرد «ترديد» للنص، فغالبيتهم بلا خبرة مسرحية أو موسيقية أو حركية، وفشلت محاولات راقصيه في التكيف مع الخشبة. إذ بدوا بلا لياقة فنية وحركية كافية، رغم اجتهاد مصممي الاستعراضات، شيرين حجازي وحسام عبد الحميد، بخاصة في النصف الأخير منه. وربما يعود ضعف الأداء، جزئياً، إلى أنّ الفرقة لم تحظَ بفرصة التدرب على المسرح، فجاءت حركتها مضطربة.
اعتمدت المخرجة ديكوراً ثابتاً لملهى ليلي، على مستويين، مستخدمة السلالم على الجانبين والطبقة العليا لتوزيع مساحات المشهد الدرامي، مُفسحة المساحة الأكبر للاستعراضات. صمم سينوغرافيا العرض محمود صبري. ورغم الامكانيات التقنية الهائلة للمسرح، إلا أنّه لم يتمكن من الاستفادة منها لعدم إتاحة المسرح خلال تجهيز وبروفات العرض، وبسبب اخطاء في تنفيذ الإضاءة أثناء العرض، فيما حاولت المخرجة الافادة من تقنيات خشبة المسرح كمشهد دخول بطلتها ساتين على ارجوحة هابطة من أعلى في بداية العرض، لكنها لم تنجح في توظيف إمكانيات الخشبة في تحقيق الإبهار المطلوب.
عانى «مولان روج» من مشاكل في الصوت، أثرت سلباً على تلقي الحوار والغناء المنطوق بالإنكليزية، كما عانى من مشاكل في الاضاءة وإغلاق الستارة، رغم انه مشروع تخرج روان الثالث لدبلوم الدراسات العليا من معهد الفنون المسرحية، وهي تدرس حالياً الإخراج السينمائي في أميركا. أما آخر أعمالها، فكانت مسرحية «لو عرف الشباب» (نص توفيق الحكيم) التي عرضت في الشتاء الماضي على خشبة «مسرح ميامي» في القاهرة.