جمال الغيطاني اسم كبير في مجال الرواية العربية وعلامة بارزة في جيل الستينات. يصنّف على أنّه خلق جماليات جديدة بعد نجيب محفوظ من خلال روايات تستمد التاريخ المملوكي والتراثي للشعب المصري، بالإضافة إلى وعيه التاريخي بالقاهرة القديمة. حتى أنه كتب أكثر من دراسة عن القاهرة ترجمت إلى لغات عديدة. كتب الغيطاني روايات تستمد الواقع المصري مثل رواية «وقائع حارة الزعفران» و«الزيني بركات»، و«يوميات شاب عاش ألف عام»...
وكلها تتحدث بعمق عن الانسان المصري ومعاناته على المستوى الوجودي أو في مواجهته مع السلطة. ولعل اللغة التي استخدمها في سرده قد جددت اللغة العربية وأحيا العديد من المفردات والبلاغات السردية التي كانت مهجورة من العديد من كتاب الستينات، إلى درجة أنّ نجيب محفوظ نفسه قد استعار أسلوب الراوي الشعبي في «الحرافيش» بعد قراءة بعض نصوص الغيطاني وهذا باعتراف الغيطاني نفسه. لم يتوقف الأخير عند اللغة التراثية، بل استخدم الحس الصوفي. ظهر ذلك في «التجليات» التي كتبها ولاقت نجاحاً وقبولاً على المستويين النقدي والجماهيري. لعب الغيطاني دوراً حيوياً في نشر الأدب العربي المعاصر من خلال إصدار ملحق «أخبار الأدب» ليصدر أصواتاً جديدة. قدم جوائز عديدة لشباب الأدباء، وأسهم في نشر الأدب المصري العربي من خلال هذا الملحق الأدبي الذي تعدّى حدود القطر المصري إلى العديد من الدول العربية. أيضاً، قدم أصواتاً عربية عديدة للقارئ المصري، وأسهم في نشر ثقافة الحوار الثقافي والحوار مع المبدعين. كان ذا مواقف في دعم الثقافة المصرية، استخدم قلمه وكونه رئيس تحرير للدفاع عن حرية الابداع والمبدعين. موقفه في رواية حيدر حيدر (وليمة لأعشاب البحر) وأزمة الروايات الأربع كان مشرفاً، إذ أظهر أنه كاتب ينتصر للإبداع وحرية الفكر من دون قهر أو ضغط من أي قوى مهما كانت مسمياتها. يتميز أسلوب الغيطاني بالذاتية والغنائية الشعرية، بالإضافة إلى الوثائقية الاجتماعية التي توضح، وتعكس العلاقات الأسرية، بالإضافة إلى وعيه بالمتغيرات الاقتصادية وشكل الفساد الذي أطاح بالمجتمع، بخاصة بعد الانفتاح الاقتصادي وخاصة أثناء تولي الرئيس السادات مقاليد الحكم وعقد معاهدة كامب ديفيد وتوغل السياسة الأميركية وازدياد نفوذ اسرائيل في المنطقة. وقد أوضح ذلك في روايته «حكايات المؤسسة» التي عكس فيها الفساد البيروقراطي في المؤسسة الحكومية.
من السمات الأساسية والانسانية للغيطاني أنّه وقف دوماً مع الجيل الجديد من الشباب ودعمه إنسانياً وابداعياً. أتذكر أنه أثناء توقيع روايتي «خمارة المعبد» المترجمة إلى الانكليزية، حضر معرض الكتاب ليهنئني وأخذنا صورة تذكارية معاً.