في الخامس من آذار (مارس) 2014، اتصلت بي في باريس الأديبة الفرنكوفونية عزّة آغا ملك طالبة مساعدتها في إيجاد معلومات عن حادثة غرق سفينة قبالة شواطئ طرابلس في شمال لبنان عام 1893، مضيفة أنّ أحد الطرابلسيين حدّثها عنها، وأنّها ترغب في كتابة رواية تاريخيّة.
بدأت البحث للتّو على الإنترنت، حيث وقعت على مقالين على «ويكيبيديا» يتطرّقان إلى الحادثة باللغة الإنكليزية: الأوّل يتناول السفينة منذ نشأتها لغاية غرقها وعلى متنها 358 شخصاً، فيما يتحدّث الثاني عن حياة قائدها الأميرال جورج تريون. فما كان منّي إلا أن أرسلت لها روابط المقالين عبر بريدها الإلكتروني. ولأنّني مصابة بفوبيا السفر عبر البحار، لم أشأ ان أتناول الموضوع مجدّداً لدى لقائي بها في ما بعد.
لكن بعد انتهاء عطلتي الصيفية في أوائل آب (أغسطس) الماضي، كنت على وشك مغادرة لبنان إلى باريس مجدّداً، حين اتصلت بي عزّة وطلبت منّي أن أحمل في حقيبة السفر، مخطوطة الرواية التي انتهت من كتابتها، على أن أسلّمها باليد فور وصولي إلى فرنسا إلى المسؤول عن دار نشر «هارماتان».
انتابتني موجة من التشاؤم مخافة أن تلاقي طائرتي مصيراً مماثلاً لسفينة «ه م س فيكتوريا» التي تتحدّث عنها عزّة في روايتها. ثمّ أنّ عدد صفحات الرواية يقارب الأربعمئة، ما معناه أنّني سأعدل عن شراء البقلاوة التي وعدت بها الأصدقاء.
لكنّ محبّتي للكتب بشكل عام، ولعزّة بشكل خاص التي دائماً ما كافحت من أجل أولادها وأحفادها من دون أن تتخلى عن الحصول على أعلى الشهادات وعن الكتابة، دفعت بي للتغلب على الخوف وتأجيل الحلويات لصيف آخر.
اليوم، وقد رأت الرواية النّور، ستقوم عزّة آغا ملك بتوقيعها في «معرض الكتاب الفرنكوفوني» بعد غدٍ السبت عند الساعة السابعة مساء في القاعة رقم واحد، بعد ندوة تشارك فيها مع آخرين حول «كواليس التاريخ».