الرياض ـــ علي فوازقريباً، ستشهد السعودية عرض أول فيلم روائي تجاري! مفاجأة قد يخفف من وطأتها أنّ العرض سيقتصر على الإعلاميين دون الجمهور، لكنها بالتأكيد تدقّ إسفيناً آخر في جدار التحريم الآخذ بالتداعي. هذه الخطوة لا يمكن فصلها عن مسار الحركة السينمائية الشبابية التي شهدت في غضون أقل من ثلاثة شهور تطورات لافتة ونوعية، بدأت منذ أشهر مع إقامة «مسابقة أفلام السعودية» في الدمام، وتحولّت إلى مناسبة سنوية، وعُدّت أول مهرجان رسمي للسينما. واستتبعت بـ«مهرجان أفلام جدة» الذي ارتدى حلة جديدة في دورته الثالثة هذا العام. وبين الحدثين ثمة إعلان مهمّ عن إنشاء أول ناد للسينما في السعودية، في وقت تطلق فيه شركة «روتانا» فيلمها «السعودي» الثاني بعد الفيلم الأول «كيف الحال». كل هذه المعطيات تشير إلى أن شرعنة صالات العرض السينمائية لم تعد مجرد أمنية، وهي خطوة من شأنها، إذا تحققت، أن تفتح الأبواب الموصدة أمام صناعة سينمائية ما زال المستثمرون وشركات الإنتاج عازفين عنها حتى يتحقق شرط الربحية الذي يحتّم وجود صالات عرض.
أمام هذه التطورات، كان لا بدّ من أن يرتدي «مهرجان أفلام جدة» ثوباً جديداً يعكس حقيقة نشاطه، ويخلع عنه رداء «العروض المرئية»، وهي التسمية التي كان يتستر بها المتشددون السلفيون الذين يعارضون وجود السينما. لكن الجديد الذي ميّز المهرجان تجاوز الشكل إلى المضمون، بحيث ظهر هذا العام أقرب إلى الاحترافية. وشارك فيه 38 فيلماً، وعرضت ستة أفلام من خارج المسابقة، وبلغ إجمالي الأفلام المشاركة 67 فيلماً من دول الخليج وأميركا وأوروبا وإيران واليابان وإيران. كما شاركت مخرجتان سعوديتان عن فئة الأفلام الكرتونية هما نور الدباغ ولمياء باعشم، وسجلت الأفلام وجود ممثلتين هما رموز في فيلم «الدجيرة» (إخراج عبد القادر كندل)، وآن سمان في «نوايا حسنة ولكن» لنايف الفقيه.
مدير المهرجان ممدوح سالم الذي يُعدّ من المتفائلين بقرب افتتاح صالات للعرض، يرى أن المجتمع السعودي منقسم بشأن وجود هذه الصالات، لكنه يشير إلى أن المجتمع سيتقبل هذا التطور إذا وضعت السينما بما يتناسب مع تقاليده.
أما الجوائز الرئيسة في المهرجان فجاءت على النحو التالي: أفضل فيلم رسومي للمخرج جاسم العقيلي عن «ما بعد الرماد»، وأفضل فيلم وثائقي لـ“نجران في سطور» لبدر اليامي، وأفضل فيلم روائي لموسى الثنيان عن «بقايا طعام»، وهي ثالث جائزة يحصل عليها الفيلم بعد جائزتيه في «مهرجان أفلام من الإمارات» و“مسابقة أفلام سعودية». أما جائزة أفضل مخرج فذهبت إلى ماجد الربيعان عن فيلمي «حالة لمس» و“توهان»، وأفضل سيناريو لعبد العزيز السالم عن فيلم «نسيج العنكبوت»، وأفضل تصوير لمحمد هلال عن فيلم «مهمة في وسط المدينة»، وأفضل مونتاج لماجد الربيعان عن فيلمي «حالة لمس» و“توهان»، وأفضل ممثل لعبد العزيز الشارع عن دوره في فيلم «توهان».