لمَ لا يمكن للموسيقي زياد سحاب والمنشد الشيخ أحمد حويلي أن تجمعهما الصوفية وموسيقاها؟ وجد الشيخ حويلي في سحّاب ما كان يبحث عنه لينطلق جدّياً في عمل صوفي بعد محاولات عدة لم تكتمل. غداً وبعده، سنستمع إلى ثمرة هذا اللقاء ضمن أمسية يقدّمها الثنائي في قاعة «بيار أبو خاطر» في بيروت. يمتلك الشيخ حويلي صوتاً رخيماً، هو الذي كان طالباً في الحوزة الإسلامية في لبنان وإيران. لم يجعل ذلك منه فقط قارئ عزاء ومنشداً عادياً في الوسط الإسلامي الذي كان ينتمي إليه.
كان رادوداً حسينياً ينتظره المسلمون كل محرّم. لكنّ الشيخ أراد أن يوصل صوته إلى كل مكان، لا الانحسار في مجتمع معيّن. كان يعلم ما يترتب على هذا الأمر ويعترف بأنه دفع ثمناً غالياً اجتماعياً واقتصادياً. لكن الصوفية «حدّثته وقالت لقلبه إنها متلفته». هكذا، عرّفه الإعلامي رامي الأمين على زياد سحاب. وجد الأخير في الشيخ حويلي صوت قارئ العزاء الذي لا يحتاج إلى تدريب ولا إلى صقل. اعتبرها فرصة يتمناها كل ملحّن للعمل مع منشدين يمتلكون هذه الموهبة والقدرة، معتمداً على تاريخ كل من سيد درويش الذي كان شيخاً، وأم كلثوم التي كانت ابنة شيخ بدورها وغيرهما ممن أتوا من خلفية دينية ليصبحوا من أعمدة الفن العربي. سحّاب بدوره تعلّم تجويد القرآن خلال دراسته الموسيقية لما يتمتع به ذلك من أهمية في علم الأصوات والموسيقى. تدفعه «حشريته الموسيقية» إلى اكتشاف الطاقة التي يمتلكها صوت الشيخ حويلي، من دون أن يشغل باله بما يستطيع القيام به أو لا يستطيع. يركّز على التلحين الذي تسيّره الأشعار، مؤمناً بالتجربة الجديدة التي يختبرها للمرة الأولى. ينفي أن هذا المجال الموسيقي لا يشبهه، فهو يعتمد على النهوند والمقام الموجودين في الموسيقى العربية. يخوض تجربة جديدة؟ نعم ولا يضمن شيئاً. يعتبر الأمر تحدياً تجريبياً، فالخوض الدائم في تجارب جديدة هو الذي يغني الموسيقي ويطوّره.
ولأنّ ما خاضه الشيخ حويلي قبل التصوّف، وصفه بالمحدود، فقد وجد في أشعار رابعة العدوية وابن الفارض والحلاج وآخرين اتحاداً لانهائياً بالمعشوق الإلهي. ويرى حويلي أنّ الإمام الحسين مصدر من مصادر العشق. اللافت أن سحاب أصرّ على تقديم ندبيات/ موشحات حسينية لما فيها من غنى لبرنامج الأمسية، فقضية الحسين تعنيه كأي قضية مظلوم وظالم. يتخلل الأمسية رقص فرقة دراويش بأثوابهم البيضاء، بينما يتألّف الكورال من الإعلاميين رامي الأمين وجاد غصن اللذين وجد فيهما سحّاب صوتين ممتازين، بالإضافة إلى خلفيتهما الموسيقية الغنيّة.

أمسية صوفية ‫يحييها الشيخ أحمد حويلي‬‬ و‫‫الفرقة الموسيقية بإشراف زياد سحاب‬‬: 20:30 مساء الغد ــ «قاعة بيار أبو خاطر» (جامعة القديس يوسف ـ حرم العلوم الإنسانية) ـ للاستعلام: 03/006329