رقص ألكسندر بوليكيفيتش على خشبة «مترو المدينة» رقصاً بلديّاً، ورافقته فرقة موسيقية وغناء حي و«معلّمة» في عرضه «بلدي يا واد». إنّه الرقص البلدي، لا «الشرقي»، تلك التسمية التي اعتمدها الغرب في وصف رقصنا البلدي نسبة إلى موقعه منه. في «بلدي يا واد»، قدّم بوليكيفيتش عرضاً موزّعاً على لوحات عدة ترافقها موسيقى حيّة تنوّعت بين الموسيقى الشعبية وبعض أغنيات جورج وسوف، وصولاً إلى أم كلثوم.
وليس مصادفة أن يحيط بوليكيفيتش، الرجل نفسه بعازفة الطبلة الرئيسية إليانا عوض، وبفرح قدّور (العود)، وشخصيّة «البتّ كايداهم» المرافقة للراقص، لينه سحّاب، ورنين الشعار (غناء). شقلبة الأنماط الجندريّة على المسرح كان فعلاً مقصوداً، واحتفاءً بالتنوع داخل عالم الرقص البلدي ومكوناته.
ليس بوليكيفيتش جديداً على ساحة الرقص. تابعناه قبلاً في «دوار الشمس» بعروض «محاولة أولى» (٢٠٠٩) و«تجوال» (٢٠١١) و«إلغاء» (٢٠١٣). مالت تلك العروض نحو البحث عن لغة معاصرة في حركة الرقص البلدي، وقدّمت على خشبة مسرح كلاسيكي. أما اليوم فيعود إلى مسرح الكاباريه ليقدّم البلدي على «أصوله»، موجّهاً تحيّة لكباريهات مصر ولبنان التي احتضنت ذلك الرقص. هكذا، افتتح العرض مع «البت كايداهم» وردّية «البيت دا طاهر». وتوالت لوحات بوليكيفيتش مع رقصة الشمعدان ورقصة مع العصا على أغنية مادونا «الليلة حلوة»... وجميعها بمرافقة موسيقى حية. بالإضافة إلى الموسيقيات النساء، ضمّت الفرقة سماح أبي المنى (الأكورديون)، وناجي العريضي (الطبلة)، وعلي الحوت (الدف والرق)، وجورج الشيخ (الناي)، فيما غاب عن ليلة الافتتاح قسراً المغني أدهم أبي فراج.

رقص
بشغف وبتقنيّة
عالية على المسرح

وكانت لرنين الشعار إطلالة مميزة، إذ قدّمت بعض الأغاني الشعبية بنفس لم يخلُ من التطريب والتنغيم. ولاكتمال اللوحات الراقصة (الإضاءة علاء ميناوي)، اختار بوليكيفيتش التعاون مع مصمم الأزياء كريكور جابوتيان الذي رافقه في أعماله السابقة. وهنا قدّم أربع بدلات مستوحاة من بدلات الرقص الكلاسيكية، لكن طبعاً بتصوّر خاص بجابوتيان، مضفياً مقاربة معاصرة على بدلات الرقص البلدي.
رقص بوليكيفيتش بشغف وبتقنيّة عالية على المسرح، مقدّماً عرضاً امتد ساعة ونصف ساعة. نجح في أخذ الجمهور معه إلى حالة من البهجة والاستمتاع، فتفاعل معه صياحاً وغناءً، خصوصاً أنّ بوليكيفيتش يفسح دوماً مجالاً لذلك التفاعل العفوي مع الجمهور في الصالة، وهذا هو إحدى المفردات الأساسية للرقص البلدي. هكذا رقص ألكسندر الرجل رقصاً بلديّاً، مقدّماً عرضاً جميلاً بكل تفاصيله. ربما في التجارب المقبلة، نشهد مفردات جديدة في الرقص البلدي من صنع جسد رجل وخصوصيات ذلك الجسد. تحررٌ نحتفي فيه بالتنوّع الخلاق.

* «بلدي يا واد»: - 29 نيسان (أبريل) و6 أيار (مايو) ــ «مترو المدينة» ـ للاستعلام: 01/753021